السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أشير إلى ما نشر في جريدة الجزيرة يوم 30-3-1437هـ بعنوان (مختل يحتجز عائلته تحت تهديد السلاح) في الصفحة الأخيرة.
أقول نحمد الله أننا مجتمع متماسك متحاب متعاضد يشد بعضه بعضا الصغير يوقر الكبير ويحترمه ويجله والكبير يعطف على الصغير ويحنو عليه وهكذا نشأنا وتربينا وعشنا عندما كنا في الأحياء الشعبية منذ قدم الزمان الأب والأم في الأسرة يعرفون أولاد جيرانهم في الحي ذكوراً وإناثا لأنهم يلعبون مع بعض تحت أنظار ومسامع أولياء أمورهم وعند غياب شمس اليوم الكل يذهب إلى منزله ومئواه وهكذا الحياة بحيث لو تأخر أحد الأبناء عن عادة عودته تجد السؤال عنه سهل ومعروف لا يتعدى هذا التأخير سواء سويعات والإجابة أن هذا الابن موجود عند أحد الجيران أو أحد المعارف في هذا الحي لكن عندما اتسعت المدينة مثل مدينة الرياض وأنا عايشت هذه المرحلة بدأ الناس يخرجون من الأسرة (النووية) إلى أسرة أكبر بعدما كانوا يعيشون تحت سقف واحد الجد والأب والعم والأخوات والزوجات حيث تفرقت الأسرة وامتدت وكبرت الأسرة وكبر معها المجتمع وكبرت الأحياء وامتدت في المدينة شرقها وغربها شمالها وجنوبها وكثر معها السكان بعد ما وصلت إليها التنمية في جميع مناحي الحياة ووصلت إليها الخدمات الأساسية من كهرباء وماء ووسائل الاتصالات وطرق... الخ، فهذه التنمية تطلبت عمالة أجنبية من مختلف الجنسيات فحضرت هذه العمالة في مختلف مناطق مدن المملكة ودخل معها أيضاً وسائل (التواصل الاجتماعي) (من شرائح ذكية) بمختلف أنواعها وفصائلها وترتب على ذلك استغلال هذه الأجهزة الذكية في أمور لا تحمد عقباها من بعض المواطنين على مختلف أعمارهم رجالاً ونساء وخاصة الشباب منهم وإلا هذه الأجهزة (نعمة من الله سبحانه وتعالى) فهي تخدم في التواصل في الخدمات الاجتماعية والتعليمية والصحية وغيرها وتخدم كذلك في تنمية العقول ومهارتها بحيث أصبح هناك (حكومة الكترونية) ولكن مع الأسف انعكس هذا مع العمالة وخاصة العمالة المنزلية على البعض منا في إهمال بعض الأسر لتربية أبنائهم التربية الإسلامية الصحيحة وتنشئتهم على القيم والموروث الأسري والعائلي السليم بحيث اختل التركيب الأسري الخاص بالأسرة فأصبح بعض الآباء لا يهتم ولا يراعي تربية أبنائه التربية والقدوة المثلى بحيث أن أغلب وقته يكون في خارج المنزل إما في العمل الحكومي والأهلي ويقضي بعد ذلك يومه في الاستراحات مع رفاقه وأصحابه وهكذا الأم إن كانت عاملة أو غير عاملة تعتمد على (العاملة المنزلية) في كل شيء حتى أن العاملة هذه دخلت في تربية الأطفال الصغار وهي إن كان لديها وقت تقضيه أيضاً (بوسائل التواصل الاجتماعي) ولا يكون لديها وقت إلا لتناول وجبات الطعام ونتيجة لهذا اهتزت وتخلخلت التربية وأصبح بعض الأبناء بعد يومه الدراسي يخرج مع أصحابه دون رقيب أو حسيب ويجول في المدينة ويستقر حاله إما في المقاهي لتعاطي (دخان الشيشة أو بتبغ السجائر) ولا يعود إلا منتصف الليل للخلود للنوم وأسرته وأهله نائمون وهكذا حاله اليومي وهذا التشرد والتمرد في السلوك قد يدفعه إلى الاحتكاك والتعرف برفاق السوء الذين يزينون له بعض المواقف والسلوك المنحرف فينجر معهم حتى يأتي ويمارس سلوك مضاد له وللأسرة والمجتمع ومن هذا قد يتعاطى بعض المحظورات التي تؤدي به إلى الإدمان وبالتالي ينجر ويقع في أحضان المجرمين الذين يروجون المخدرات ويصبح همه الأول والأخير توفير هذا المخدر وبالتالي يدخل في مرحلة نفسية عقلية تدفعه إلى سلوك العنف من طعن وقتل سواء لأفراد أسرته أو جيرانه أو أصحابه من أجل الحصول على شراء هذا المخدر ولا يتم علاجه وشفائه إلا عن طريق (الطب النفسي) وهكذا بعض الآخرين الذين يأخذون منحى آخر من الأمراض النفسية من حيث الانطواء أو الانعزالية نتيجة لسوء تربية أو قسوة أو ينبذون من الأسرة أو أفراد المجتمع أو عدم الاهتمام بأدميته أو كذلك تكون المدرسة عامل طرد له دون حلول لهذه المواقف أو المشاكل وبالتالي يحتاج إلى من يأخذ بيده لبر الأمان ويعود إلى أحضان أسرته ومجتمعه وهذا وذاك الذي ذكرناه أعلى المقال سوف يقولون (نحن هنا) بأي وسيلة أو طريقة حتى لو كانت طريقة عنف من قتل وطعن فكم قرأنا وسمعنا عن هذه الحالات المختلة في أغلب من مدن المملكة كما قرآنا في جريدة الجزيرة عن المختل) الذي أطلق النار على عائلته واحتجازهم داخل منزلهم بمحافظة (صامطة) لولا عناية الله وتدخل الشرطة فهؤلاء النائمون تحت الجسور والهائمون على أنفسهم قد يكونون مختلين نفسياً أو عقلياً فالمستشفيات النفسية ومجتمعات الأمل ومستشفيات علاج الإدمان والعيادات النفسية الأخرى مقصرة في احتواء هؤلاء النائمون تحت الجسور والغرف المهجورة وإدخالهم هذه المصحات من أجل علاج من يحتاج علاج وإيواء من يحتاج إلى إيواء بدلاً من تشردهم وهيامهم في الشوارع والطرقات وإحسان الناس إليهم في المأكل والمشرب والملبس فالدولة لا تسمح برعاياها أن يكونوا على هذه الحال فحقهم عليها أن يحصلوا على هذه الرعاية الكاملة الصحية والاجتماعية والمعيشية لأن الدولة تسخر المليارات كل عام من أجل تنمية المواطن في جميع مناحي الحياة لأنه قد يكون منهم مختل فيفعل فعلته مثل ما فعل مختل (صامطة).
كذلك على المسؤولين في هذه المستشفيات والمجتمعات أن ينظروا ولا يسمحوا بخروج أي مريض حتى يشفى تماماً ولو طالت إقامته بالتنسيق مع أسرته عن طريق (الرعاية اللاحقة الطبية) بحيث لا يصرف له العلاج إذا حضر مع أسرته أو غيرها من الجهات الرسمية ويعود معهم فهذا فيه خطورة تنعكس على أسرته وأفراد المجتمع من قتل وطعن لأن أسرته لا تستطيع ضبطه وإعطائه العلاج في مواعيده المحددة والله من وراء القصد.
مندل عبدالله القباع - خبير اجتماعي