{لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ}
* ما معنى قول الله -تعالى-: {لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ}؟
- قال الله -جل وعلا- في سورة طه في قصة موسى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى. إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه: 9-10]، {إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ} أي: شهاب من نار، بأن يوقد في عصا أو في غيرها فيقتبس من هذه النار جذوة كما في الآية الأخرى في سورة القصص: {أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ} [القصص: 29] وهو الجمر الذي معه لهب، وهذا القبس دل على وجود الظلام، وأنهم كانوا يمشون في ظلام من الليل، فأراد أن يقتبس لهم من نور هذه النار يهتدون به في طريقهم، ولذلك قال: {لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى}، أو أجد من يهديني الطريق، دل على أنه قد تاه عن الطريق كما قال الثوري عن أبي سعيد الأعور عن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} قال: من يهديني إلى الطريق، وكانوا شاتين وضلوا عن الطريق، فلما رأوا النار قال لهم: إن لم أجد أحدًا يهديني إلى الطريق أتيتكم بنار توقدون بها. هذا ذكره الحافظ ابن كثير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، المقصود أنه يأتيهم بشيء من هذه النار يستنيرون به ويهتدون به الطريق، وهي الجذوة التي أشير إليها في سورة القصص.
***
التكنّي بأبي القاسم
* هل يجوز التكني بأبي القاسم؟
- جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: «تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي» [البخاري: 3538]، فالجمع بين الاسم والكنية جاء النهي عنه، وحمله أهل العلم أو جمهورهم على ما كان في حياته -عليه الصلاة والسلام-، أما بعد وفاته فلا مانع؛ لانتفاء المحظور الذي من أجله مُنع من الجمع بينهما، فقد انتفى بوفاته -عليه الصلاة والسلام-، ولذا لا يُحصى الكم الهائل من أهل العلم من اسمه محمد وكنيته أبو القاسم، بل كثير منهم من يعمد إلى ذلك، وكثير من الأمة يجري على لسانه التكنية بأبي القاسم لمجرد وجود الاسم ولو لم يولد له ولد، المقصود أنه في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- يُمنع الجمع بينهما، أما بعد وفاته وانتفاء المحظور الذي من أجله مُنع الجمع بينهما فلا مانع -إن شاء الله تعالى-.
***
التبرع عن الوالدين
* ما حكم التبرع والصدقة عن الوالدين في حياتهما وبدون علمهما؟
- إذا تصدق الإنسان ونوى ثواب هذه الصدقة وأهداه لوالده أو لوالدته هذا من أفضل القربات، والصدقة عنهما من برهما في حياتهما وبعد مماتهما، كما أن الدعاء لهما كذلك، لكن الصدقة عنهما وبدون علمهما لا شك أنه أقرب وأدعى إلى الإخلاص، وإذا أخبرهما من باب أنه يسرهما ذلك أو ليدعوا له هذا أيضًا مقصد حسن.
***
صيام الاثنين والخميس
* أسأل عن صيام الاثنين والخميس؟
- صيام الاثنين والخميس جاء الحث عليهما، وما جاء في صيام يوم الاثنين أكثر مما جاء في يوم الخميس فهو آكد، وعلى كل حال جاء الحث عليهما فصيامهما من السنن.
***
إسقاط الجنين
* ما حكم إسقاط الجنين قبل إكمال الأربعين يومًا؟ وهل على من فعل ذلك إثم؟ وما كفارته؟
- جمع من أهل العلم يرون أنه لا بأس بإسقاطه قبل الأربعين بدواء مباح، والذي أميل إليه -وهو ما يراه آخرون من أهل العلم- أنه مادام استقرت هذه النطفة في رحم المرأة فإنها لا تُسْقَط إلا لحاجة، فإذا كان قد جاء النهي عن العزل مع أنه جاء «كنا نعزل والقرآن ينزل» [البخاري: 5207]، فالنهي عن الإسقاط من باب أولى، فإذا استقرت النطفة في رحم المرأة فإنها لا تُسْقَط إلا لحاجة، نعم الحاجة قد تكون أيسر من حاجة الإلقاء بعد الأربعين، حيث يشتد الأمر بعد الأربعين إلى نفخ الروح فيباح إذا تضررت المرأة وخُشيَ عليها وإلا فلا يجوز إسقاطها بحال بعد الأربعين، أما قبل الأربعين فالأمر أخف، لكن عندي أنها لا تُسْقَط إلا لحاجة وداعٍ لذلك.
يجيب عليها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء