د. أحمد الفراج
انتهت حفلة انتخابات «الثلاثاء الكبير»، المرحلة الخامسة من انتخابات الحزبين الرئيسيين، الجمهوري والديمقراطي، للرئاسة الأمريكية، ويا له من عرض مثير، كما هي عادة الحراك السياسي الأمريكي، والإعلام المثير، وقد حصلت حادثة ألقت بظلالها على هذه الانتخابات، وأثرت، قليلاً، على المرشح الجمهوري المثير للجدل، دونالد ترمب، ولو لم يكن المزاج الشعبي العام في أمريكا يجنح للمحافظة، والخوف من الإرهاب، لربما قضت هذه الحادثة على آمال دونالد ترمب السياسية، والحادثة تتعلق بشخصية مثيرة للجدل في أمريكا، ونتحدث هنا عن المعلق الإعلامي، والبرلماني السابق، ديفيد دوك، والسيد دوك شخصية تمثل أسوأ قيم «العنصرية»، فهو زعيم سابق في منظمة «الكلو كلس كلان» العنصرية الشهيرة، وله مواقف واضحة وصريحة ضد الأجانب، وضد اليهود، وقد قال في برنامجه الإذاعي، قبل أيام من انتخابات الثلاثاء الكبير، إنه سيصوت لدونالد ترمب، كما نصح متابعيه بذات الشيء، وقد فهم المتابعون أن هذا يعني توافقا في الرؤى بين الاثنين، ما يعد كارثة ماحقة لحملة ترمب وأحلامه.
الطريف في الأمر أن ترمب لم يدرك فداحة أن تدعمه شخصية إقصائية عنصرية مثل المعلق ديفيد دوك، ولذا فقد تردد في التعليق على ذلك، ثم بعد أن أدرك فداحة الخطب، وربما نصحه مستشاروه، أعلن ترمب براءته من ديفيد دوك، ومن أفكاره، ولكن الضرر وقع، على أية حال، ولذا فقد فاز ترمب في سبع ولايات، وخطف منافسوه بقية الولايات، مع أنه كان من المتوقع، قبل حادثة دوك، أن يفوز فوزا كاسحا وصريحا في كل الولايات الثلاث عشرة، ولا أستبعد أن تلاحق هذه الحادثة ترمب، وتلقي بظلالها عليه، خصوصا في حال حصل على ترشيح الحزب الجمهوري، وأصبح في مواجهة مع المرشح الديمقراطي المتوقع، هيلاري كلينتون، وهي الشهيرة بالتسامح، والقرب من الأقليات العرقية، وقد يدفع ترمب ثمن ذلك غاليا، وعلى أي حال، فلا يزال ترمب متصدرا للمرشحين الجمهوريين، وبفارق كبير، ولم يتم حسم السباق حتى الآن.
في الجانب الديمقراطي، فازت هيلاري كلينتون بسبع ولايات، مثل ترمب تماما، وفاز منافسها الوحيد، برني ساندرز بالبقية، ويعتبر هذا إنجازاً كبيراً له، فلم يكن أحد يتوقع أن يواصل السباق حتى هذه المرحلة، وقد أعلن أنه لا ينوي الانسحاب قريباً، وسيواصل حملته، ليس للفوز بالرئاسة وحسب، بل لفضح ممارسات المؤسسة السياسية، ولوبيات المصالح، إذ قال في خطابه الأخير: «لن نسمح للساسة المليونيرات، ومن وراءهم، أن يدمروا الديمقراطية الأمريكية»، ولا يزال السباق مستمراً، ومثيراً، ويستحق المتابعة، فلنفعل ذلك معاً.