استضافت اثنينية الأستاذ حمود الذييب بالرياض الشيخ سعود المريبض، صاحب ندوة المريبض الثقافية الشهيرة، كما استضافت الدكتور فيصل العزام، الإعلامي والأكاديمي، حيث ألقى محاضرة عن الأمن الفكري ودور الحوار في العمل على ترسيخ مبادئه لدى الأجيال الجديدة، إضافة إلى مناقشة أهميته في مواجهة التحديات الفكرية والتربوية لدى الأجيال الجديدة.
وأجاب الدكتور فيصل العزام في مستهل الندوة على سؤال عن ثقافة الحوار، وكيف يتم ترسيخها في أذهان الأجيال الجديدة، مبيناً أن الحوار متأصل في الدين الإسلامي، لذا فإن هذه الثقافة لابد أن تتضح في السلوكيات وطرق التواصل بين أفراد المجتمع. وتابع قائلاً: «يعلمنا القرآن أن الحوار طريقة التواصل منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها، بدليل قوله تعالى {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}، وهو ما يدل على أن الخالق العظيم بدأ بحوار مع ملائكته ولم يطرح الفكرة كأمر من الأوامر الإلهية».
وأكد الدكتور العزام أهمية الحوار لخلق ما يسمى بالأمن الفكري، مشيراً إلى أن الحوادث التي تمر بالمجتمع هذه الأيام، من قتل وغدر والتي منها جريمة قتل العسكري على يد أقربائه الستة، هي من نتائج انعدام الحوار وعدم وجود الأمن الفكري. وأَضاف: «لابد أن تكون هناك حالة من التقبل للآخر بكل اختلافاته وتنوعاته. حيث لا يجب أن نتفق فقط مع من يشاركوننا في المعتقدات والأفكار، ولكن لابد من الانفتاح على الأفكار المختلفة ومعرفة طريقة التعامل معها، لأن ذلك أصبح من ضروريات العصر الحالي الذي تتلاقى فيه الأفكار والمعتقدات. ويؤكد العزام أن ذلك من سنن الله في الكون، حيث قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواٌ}.
وقال الدكتور العزام إن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، قد رسخ لقاعدة الاختلاف نفسها، حين قال عليه الصلاة والسلام: «المسلم من المسلمون من لسانه ويده» وبذلك فإن هناك ضوابط لقاعدة الاختلاف، حيث لابد من تقبل الاختلاف وألا يتم التعامل مع هذا الاختلاف والتعبير عنه بالعنف والرفض غير المبرر.
بعد ذلك تطرق الدكتور فيصل إلى عدد من المشكلات التي أثرت على انتشار ثقافة الحوار في المجتمع وكيف أن عدم قيام كل من الأسرة والمدرسة والمسجد والإعلام بأدوارهم الأساسية أدى إلى انعزال الشباب وافتقادهم لمهارة الحوار وتقبل الآخر وبالتالي وقعوا فريسة في أيدي أعداء الوطن ممن يملؤون عقولهم بالأفكار غير السوية.
من ناحيته أكد الشيخ سعود المريبض ضرورة توجيه الرسائل الفكرية السليمة إلى عقول أبنائنا من الأجيال الجديدة عن طريق المفكرين والمثقفين والمشايخ ممن يعرفون باتزان العقل والرأي. يقول الشيخ المريبض: «عندما نقلت ندوة المريبض إلى العاصمة لندن لمست حاجة الشباب العرب هناك لمقابلة الشخصيات الفكرية والثقافية للعمل على تصحيح وإعادة صياغة كثير من الأفكار والمفاهيم الموجودة لديهم».
هذا، وحظيت الندوة لهذا الأسبوع بوجود الدكتور راشد أبا الخيل، المستشار الإداري، والذي أجاب على سؤال مع من يكون الحوار وكيف يكون الحوار الفئات التي تعتنق فكراً ضالاً في المجتمع؟ مبيناً أن الحوار لا يصلح مع من تلطخت أيديهم بالدماء. وأضاف: «يمكن أن يكون مفيداً في مرحلة سابقة لذلك، ولكن عندما تصل إلى حد ارتكاب الجريمة فإن هناك ضرورة ملحة لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في المعتدين». كما طالب أبا الخيل بضرورة ترسيخ مبدأ الحس الأمني لدى كافة المواطنين والمقيمين على أرض المملكة، وذلك من خلال تشجيع الكل على التبليغ عن أي موقف مريب دون تردد.
وفي ختام الندوة قدم الأستاذ حمود الذييب درع التكريم للشيخ سعود المريبض، حيث وصفه بأنه عراب المجالس الثقافية بالمملكة.
حضر التكريم أبناء الشيخ المريبض فيصل وثامر وعبدالعزيز والذين حلوا ضيوفاً على اثنينية الذييب مضيفين للحوار الكثير من الإرهاصات الفكرية.