أمل بنت فهد
تحدي الذات من أكبر التحديات التي يدخلها الإنسان في حياته وغالباً يخوضها سراً بينه وبين نفسه.. وبرغم أنها سرية وتبدو هادئة على السطح.. إلا أنها طاحنة وشرسة ومفصلية في داخله.. ويمكنها أن تغير حياته جذرياً.. كتحدي التخلص من عاداته السيئة والتي من شأنها أن تعرقل مسيرته.. أو تهدد صحته النفسية أو البدنية.. أو علاقاته.. شخصية كانت أم عامة أم مهنية.. أو وضعه المادي أو المجتمعي.. فالتخلص من العادة ليس سهلاً كما يسوق له البعض.. لأنها تمثل إشباعاً لاحتياج تعرفه أنت ولا يعرفه أحداً سواك.. ويكون الوضع كارثيا وغامضا إن لم تدرك الحاجة التي تشبعها تلك العادة التي تهيمن عليك ولا تعرف لماذا تجرك جراً إليها رغم معرفتك بمدى ضررها على المدى القريب أو البعيد.. اختصار الحديث أنه الانتصار الأكبر إنما يكون على الذات عندما تعاندك رغباتها وتعاني من آثار نزواتها بعد أن يغادرك الجوع.. ذاك الانتصار الذي تتوج فيه بينك وبين نفسك.
وأسوأ مما ذكر أعلاه وأعظم فوضوية تلك الحاجة الملحة التي يشعر بها البعض ليثبت ذاته عند الآخرين.. ويبث صفاته الحميدة ويعلنها دون أن يضع نفسه في موقف حرج وضعيف.. هنا المعركة داخلية وخارجية.. على جبهتين تقاتل لتثبت أنك القوي.. الكريم.. الفريد من نوعه.. وأنك بخير رغم الدمار الذي تحاول أن تغطيه بعبارات تفقد مصداقيتها أمام صوتك المرتفع الغاضب أو المتردد المتكسر.. ولغة جسدك التي تقسم على هزيمتك.. فالحياة عندما تعيشها على مبدأ إقناع الآخرين.. هي حياة بائسة دون شك.. حياة قلقة.. مهزوزة.. تبنى كل يوم على كذبات تعرفها أنت جيداً.. ولا أدري ما قيمة حياة بغلاف فاخر ويمور في جوفها بؤس وشقاء وضياع.. ماذا تحاول أن تقول عندما تستميت لإخبار المحيط عن وضع تحلم أن تعيشه لكنك حقيقة تعيش عكسه تماماً؟
أي عائد يعود عليك من اعتقاد الآخرين أنك «فلتت زمانك» وآخر «حبة» في حين أنت أقل من العادي بل لا تملك شيئاً مما تدعيه!
على من تكذب؟ بل لماذا تكذب؟ والسؤال الأهم من هذا كله.. هل أنت بحاجة لشرح نفسك للآخرين؟
بالطبع لا.. وهذا لا ينافي حاجة الإنسان الطبيعية للثناء والإطراء والإعجاب.. المشكلة تكمن عندما تتحول إلى هاجس قاهر.. وأمنية عميقة.. وبداية الضياع تحدث عندما تحاول أن تتقمص مالا تملكه.. وتدعي خلاف ما أنت عليه.. كل ذلك من أجل حفنة شعور كاذب بالتفرد!
أتدري ماذا يعني ذاك السلوك؟
يعني أنك لا تعرف نفسك.. لا تدرك مواطن القوة التي تملكها.. لا تفهم مواهبك.. وربما لا تحب نفسك كما ينبغي.. وربما تستعر مما أنت عليه.. تلك مؤشرات تمنحك فرصة لتتعرف على نفسك من جديد.. وتتعلم كيف تعزف لحنك الخاص.. فلا أحد دون موهبة.. ولا أحد دون جمال.. ولا أحد دون قدرات.