د. عبدالواحد الحميد
لا أظن أن هناك ما يمكن إضافته إلى الأفكار التي ظلت تُطرح منذ عشرات السنين لمعالجة الواقع المروري المرير في مدن وقرى المملكة، ولكن ما صرح به المتحدث الرسمي للإدارة العامة للمرور مؤخراً عن العقوبات المغلظة التي سيتم تطبيقها على المخالفين هو أمر يبعث على التفاؤل، أو فلنَقُل يخفف من حالة التشاؤم التي تخيم على الكثيرين بسبب ما يرونه كل يوم من مخالفات مرورية علنية. المتحدث الرسمي للمرور يقول إنه سوف يتم إيقاف الخدمات عن مرتكبي المخالفات المرورية التي تؤثر على السلامة العامة وذلك من خلال رصد المخالفات عن طريق نظام الضبط الإليكتروني، وأن هذا الإيقاف سوف يؤدي إلى حضور المخالف ومراجعته لهيئة الجزاءات المرورية وتطبيق العقوبات عليه. هذه المخالفات المرورية المؤثرة على السلامة العامة حددتها مواد نظام المرور وتشمل، ضمن أشياء أخرى، تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء، وقيادة السيارة بالاتجاه المعاكس لحركة السير، وممارسة التفحيط، وتجاوز السرعة المحددة، وغير ذلك من المخالفات التي لا تُعرِّض حياة السائق وحده للخطر وإنما تُعرض أيضا حياة الآخرين للخطر. وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي حزمة أخرى من المخالفات التي تؤثر على السلامة العامة والتي قيل إن هناك عقوبات شديدة سوف يتم تطبيقها بحق من يقترفها. ويُفهم من تصريحات المتحدث الرسمي للمرور أن هذه المخالفات كان يُعمل بها ميدانياً لإلزام المخالف مراجعة الهيئة المرورية، لكن الجديد هو أنه تم تفعيلها حالياً على نظام الضبط الإليكتروني للمخالفات المرورية.
هذا التوظيف للتقنية قد يأتي من يعارضه وينتقده ويشكك في أهدافه كما حصل في تطبيقات أخرى، لكنني أتمنى ألاَّ يلتفت المرور إلى ذلك. فواقع الحال المرعب في شوارعنا صار يتطلب اتخاذ إجراءات صارمة بحق الناس الذين يرتكبون المخالفات المرورية ويتسببون في وقوع الحوادث لهم ولغيرهم. وإذا كان الأمر مرتبطاً بالتقنية، فالتقنية الحديثة التي اكتسحب كل جوانب الحياة لن يكون من العسير عليها مراقبة المخالفين بكل دقة ومعرفة سياراتهم وتسجيل المخالفات ضدهم. لكن السؤال الذي سنرى إجابته خلال المرحلة الجديدة هو ماذا سيحدث للمخالف بعد أن تؤدي الأجهزة التقنية دورها ويأتي دور تنفيذ الأنظمة. إن أي نظام لا قيمة له ما لم يجد طريقه إلى التطبيق، ولن أعيد ما سبق أن كتبته وما كتبه غيري عن غياب تطبيق الأنظمة المرورية، لكنني أتمنى أن تشهد المرحلة الحالية تحسناً، وبخاصة مع تعاظم الدور الذي يمكن أن تلعبه التقنية في رصد المخالفين.