ناصر الصِرامي
قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما: إن «على السعودية وإيران تعلم مبدأ التعايش معا والتوصل إلى سبيل لتحقيق نوع من السلام».
وأضاف أوباما في مقابلة مع مجلة «ذا أتلانتك» الأمريكية أن «المنافسة بين السعوديين والإيرانيين التي ساعدت في إذكاء الحروب بالوكالة والفوضى في سوريا والعراق واليمن تتطلب منا أن نقول لأصدقائنا وكذلك للإيرانيين أنهم بحاجة للتوصل إلى طريقة فعالة للتعايش معا».
هذا الحديث نظريا مهم ولافت أيضاً، لكن الواقع الذي «قد» يعرفه الرئيس الأمريكي، أن إيران أولاً وأخيراً هي من يجب عليها أن تتعلم مبدأ التعايش والتواصل، واستيعاب مبدأ السلام ليس مع الجيران وحسب، بل ومع العالم كله، ومبدأ يخالف نظام ولاية الفقيه، ويخالف أسس المشروع الإيراني الداعي لتصدير الثورة الخمينية!
واقع تصدير الثورة هو إيقاظ الجيوب الشيعية، حيثما وجدت -خارج إيران-، ودفعها إلى العزلة مع محيطها، اجتماعياً وثقافياً، ومن ثم إلحاقها سياسياً واقتصادياً بالمركز المتمثل بالولي الفقيه، بما يتيح لتلك التجمعات -الأحزاب- التأثير بشكل دائم في المجتمعات والدول التي تعيش داخلها، لتكون هذه الجماعات بمثابة أذرع منفصلة -مليشيات-، تمارس طهران من خلالها التأثير والنفوذ والإرهاب داخل كل بلد، وبما يجعلها تتدخل مباشرة في الوقت المناسب لها، كما حدث في العراق وسوريا ،ويحدث في لبنان واليمن.
من البدايات الأولى للثورة الخمينية أرسلت السعودية ودول خليجية الوفود لإيران «الثورة الإسلامية»، لكن لم تجد جوابا أو تجاوباً منذ ذلك الوقت، إلى الدعوات السعودية والخليجية والعربية لإيران لحل المشاكل بالطرق السلمية وإنهاء احتلال الأراضي العربية، من الجزر الإماراتية وصولاً إلى إعلانها الصريح أنها تتحكم و»تحتل» أربع عواصم عربية!
إيران الخمينية لم تعرف أبدا الاستقرار خارج أو داخل حدودها، ومليشياتها تنتشر اليوم في الوطن العربي، هذا هو التعايش الذي تمارسه إيران فخامة الرئيس..
تدرك دول الخليج القدر الجغرافي جيدا، لذا أسست مجلساً للتعاون الخليجي، وهي المنظمة الإقليمية التي صمدت رغم كل الامتحانات والأزمات التي مرت بها، صحيح أن تطلع شعوبها كبير، لكن ما تحقق ليس باليسير أيضا.
هذه الدول عملت على تأهيل اليمن للدخول في المنظومة الخليجية، فيما كانت طهران تدرب وتسلح المليشيات الانقلابية.
عون دول الخليج ومساهماتها امتد لما بعد البحر الأحمر حيث مصر والسودان، دول عربية وإسلامية تبحث التعايش والتكامل والسلام. واستمر في العراق رغم كل المحاولات الإيرانية السياسية والاستخباراتية لإلغاء أي قوة على الأرض هناك لا تقدم الولاء لطهران.
تواصل الخليج ووصله بلغ شمال إفريقيا ووصل إلى إندونيسيا، وفي الوقت الذي كانت إيران تبني برنامجاً نووياً عدائياً تحت العقوبات الدولية، وتهتف ضد العالم والغرب والشيطان الأكبر!، كانت السعودية ولا تزال جزءاً أساسيا من المجتمع الدولي وبين الدول العشرين المؤثرة في الكون اقتصاديا وسياسيا.
علاقة السعودية والخليج بالعالم كله مفتوحة ومشتركة بمصالحها دون استثناء، وعلاقة إيران محصورة ومغلقة وعدائية في محيطها وخارجه..!
وفيما انتقد الرئيس الأمريكي كلا من بريطانيا وفرنسا لسماحهما لليبيا بأن تتحول إلى فوضى في أعقاب التدخل العسكري هناك في نفس المقابلة، أضاف إن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بدا «مشتت الذهن» بعد التدخل في ليبيا عام 2011. إلا أن أوباما يبدو كذلك «مشتت الذهن» عندما يتعلق الأمر بإيران..!