إبراهيم أحمد الطيب ">
حتى يكون الشخص قائداً لأمة يجب أن تتوفر فيه شروط أولها الصدق ومراقبة الله عز وجل, ثم القوة والعدل والمساواة بين الناس, والشجاعة والإقدام والحكمة.
كل تلك الصفات وغيرها الكثير من الصفات الحسنة توفرت في خادم الحرمين الشريفين المغفور له بإذن الله الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود.
لن نحاول أن نبحث في سيرته أو تاريخه أو إنجازاته لأنها أكبر من أن تحتويها مجرد سطور بل سنحتاج إلى عشرات المجلدات لحصرها, ولكنا سنتطرق هنا إلى إضاءات من حياة هذا القائد الذي قَدم لبلاده ولأمته الاسلامية الكثير، فحق أن يكون (روح القيادة).
ولد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود, رحمه الله بمدينة الرياض عام 1340هـ -1921م، وتلقى تعليمه الأولي على يد عدد من العلماء بمتابعة مباشرة من والده الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود الذي أولى تربية أبنائه وتنشئتهم جل عنايته على الرغم من كثرة مشاغله السياسية والإدارية.
وعرف عن الملك فهد بن عبدالعزيز حبه للاطلاع والمعرفة منذ صغره، كما عرف عنه تحمله للمسؤوليات منذ سنوات مبكرة من عمره.
يحتل يوم الحادي والعشرين من شهر شعبان عام 1402هـ الموافق الثامن عشر من شهر يونيو عام 1982م منزلة خاصة في تاريخ المملكة العربية السعودية، حيث تولى خادم الحرمين الشريفين - رحمه الله - مقاليد الحكم مسترشداً بنهج والده الملك عبدالعزيز في بناء الدولة والمجتمع والسير بهما نحو أعلى المستويات الحضارية.
ولقد شهد عهد الملك فهد تحقيق منجزات متميزة في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية توجت بتطور كبير في المجتمع، انعكس على الارتقاء بمستوى المعيشة ونوعية الحياة في ظل استتباب الأمن وتكريس الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وإلى جانب رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله لخطط التنمية الشاملة وإنشاء البنية الصناعية في المملكة والإنجازات الحضارية، فقد حدثت في عهده أضخم توسعة تاريخية للحرمين الشريفين.
كما تميز عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز «رحمه الله» بصدور النظام الأساسي للحكم، ونظام مجلس الشورى، ونظام المناطق في السابع والعشرين من شهر رجب عام 1412هـ الموافق الواحد والثلاثين من شهر يناير عام 1992م. وقد صيغت هذه الأنظمة الثلاثة على هدي من الشريعة الإسلامية معبرة عن مبادئ الدولة السعودية وتقاليد مجتمعها وأعرافه.
كما وصلت المملكة نتيجة لسياسته ورعايته إلى مركز مرموق في الساحة العربية والإسلامية والدولية، واتسمت السياسة الخارجية السعودية في عهده بالفاعلية والواقعية وإيجاد الحلول المناسبة لأهم القضايا العربية والإسلامية.
وقد شهد عهده تنفيذ خمس خطط تنموية وذلك حينما تولى رحمه الله الحكم عام 1402هـ - 1982م ليستكمل خطة التنمية الثالثة ثم التخطيط والتنفيذ للخطط الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة، والتي ركزت في مجملها على المحافظة على القيم الإسلامية، وتطبيق شريعة الله وترسيخها ونشرها، والدفاع عن الدين والوطن، والمحافظة على الأمن والاستقرار الاجتماعي للبلاد وتكوين المواطن العامل المنتج بتوفير الروافد التي توصله لتلك المرحلة، وتنمية القوى البشرية, وتنمية الثروات المعدنية وتشجيع استكشافها واستثمارها، والتركيز على التنمية النوعية.
وانطلاقاً من ذلك، حققت المملكة في ظل الخطط التنموية المتعاقبة، بتوفيق من الله تعالى، ثم بفضل التوجيه السديد من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز – رحمه الله - ومؤازرة سمو ولي عهده خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله -، منجزات تنموية بارزة شملت أبعاد التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتنظيمية كافة. فتمكنت المملكة خلال هذه الفترة الزمنية الوجيزة من تحقيق منجزات متميزة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية كافة، توجت بتطور كبير في المجتمع انعكس على الارتقاء بمستوى المعيشة ونوعية الحياة في ظل استتاب الأمن وتكريس الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
كما عملت المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد «رحمه الله» على تحقيق المزيد من الرقي والتطور الاقتصادي والاجتماعي الداخلي، فقد حرصت على المحافظة باستمرار على مكانتها اللائقة عربياً وإسلامياً وعالمياً، والنهوض بواجباتها تجاه الأسرة الدولية، سواء كان ذلك في تقديم الدعم والمؤازرة للقضايا الإنسانية، أو في تبني قضايا الحق والعدل والانتصار لها أينما كانت، وكله بفضل توفيق الله - سبحانه وتعالى - ثم بفضل ما حظيت به تلك المسيرة المباركة من توجيه دائم من القيادة الحكيمة لهذا البلد، وتفاعل من مواطنين تزكيهم قيم الولاء والانتماء.
تشرف الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله بلقب - خادم الحرمين الشريفين - بدلاً من صاحب الجلالة، ليكون أول ملك سعودي يطلق عليه هذا اللقب, وتمسك بهذا اللقب من بعده خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز «رحمه الله», وملك الحزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -.
ولأن للملك فهد «رحمه الله» خلف صالح من الأبناء فقد أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز رئيس اللجنة العليا المنظمة لمعرض وندوات تاريخ الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله (الفهد.. روح القيادة)، إطلاق مؤسسة الملك فهد الخيرية، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -, الذي ترأس أول اجتماع لمجلس الامناء، حيث قال مخاطباً المجتمعين: (يسرني أن أكون معكم في هذا الاجتماع المبارك لمجلس أمناء مؤسسة الملك فهد الخيرية التي تحمل اسم ملك أفتخر به كأخ ووالد وقائد، كما يفتخر كل مواطن بما قدمه - رحمه الله - من إسهامات لخدمة دينه وبلاده وأمته, وستكون هذه المؤسسة - إن شاء الله - مع أخواتها من المؤسسات والجمعيات الخيرية إضافة للعمل الخيري والإنساني في بلادنا الغالية، متمنياً للجميع التوفيق والسداد.
إن إنشاء هذه المؤسسة الخيرية ما هي إلا قطرة من بحر ما قدم الملك فهد لهذه البلاد وأهلها وللأمة الاسلامية جمعاً.
وكما قال صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد - حفظه الله - إن مؤسسة الملك فهد الخيرية ستكمل بمشيئة الله مسيرة الخير بالمملكة العربيّة السعودية، وستهتم بتراث الملك فهد بن عبدالعزيز الشخصي والخيري وكذلك ستعتني بالتعليم والتدريب كونه أول وزيرٍ للمعارف.
رحم الله خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز بقدر ما أعطى, ووفق خادم الحرمين الشريفين ملك الحزم والعزم الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لما فيه خير البلاد والأمة الإسلامية.