ناهد باشطح
فاصلة:
سأل رجل رسول الله: أي الإسلام خير؟ قال: {تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف}.
- حديث شريف -
استحضر عبارة «تنزين غياتسو» الذي يقول (يجب أولاً أن نتوصل للسلام داخل أنفسنا ثم يتوسع تدريجياً ليشمل عائلاتنا، مجتمعاتنا، وفي نهاية المطاف الكوكب بأكمله)، حينما تحدث أي حوادث مخيفة في الغرب كما حدث قبل أيام من قتل للأبرياء في بروكسل، حيث يفاجئنا البعض الذين يتشفون في موت الضحايا الأبرياء، بل وينتقدون تعاطفنا الإنساني معهم.
يبرر المنتقدون رأيهم بأننا نتعاطف مع الغرب ولا نتعاطف مع المسلمين ولا نجرّم الغرب الذي يقتل إخواننا المسلمين في أنحاء مختلفة في هذا العالم؟
والمشكلة الأكبر في توظيف الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وفق قيم الشخص نفسه فتصبح العملية معكوسة، فنحن لا نستدل على قيمنا بالدين بل نوظف الدين لصالح قيمنا الاجتماعية الموروثة والدين ليس للتوظيف أبداً.
تعجبني مقولة مارتن لوثر كينج: «الظلام لا يقدر أن يطرد الظلام. النور وحده هو القادر على ذلك. والكراهية لا تقدر أن تطرد الكراهية. المحبة وحدها القادرة على ذلك».
ما ينفع العالم أن نكرس حقدنا له وأن نتشفى بضحايا أبرياء بينما يبدو الأمر طبيعياً أن نسافر إلى الغرب وندعم اقتصاده ونستهلك بضائعه بدون أن نفكر في حربه ضد الإسلام والمسلمين؟
ما الطريقة الصحيحة للتعاطف مع ضحايا المسلمين الأبرياء هل هي نشر الكراهية ضد هذا الغرب؟
ولماذا نمارس التناقض في مشاعرنا تجاه الغرب؟
هذا يحدث لأننا لم نفهم معنى السلام على نطاقه البسيط في حياتنا.
أن تكون مسالماً مع نفسك يعني أنك لا تقبل الأذى، ليس فقط لأي إنسان بل لأي كائن في الكون حتى الجماد.
الذي يحدث أن بعضنا مشوش فكرياً ولم يجرب معنى السلام الداخلي، ولذلك عندما يموت الناس في فرنسا أو بروكسل مثلاً فإنه بدلاً من أن تنهض إنسانيته للأسف على موت الأبرياء، تستيقظ قناعاته السلبية التي تبرمج عليها سنين طوال بأن تعاطفه مع المسلمين هو كراهيته لأي إنسان مختلف عنه في دينه.
هؤلاء أنفسهم لا يتعاطفون مع المسلمين في قضاياهم إذا اختلف مذهبهم عنهم، وفي العمق هم حتى لا يتعاطفون مع مصائب تحل بالأقربين لهم فقط لأنهم اختلفوا ذات يوم معهم في الأفكار والقناعات.
أن تعيش السلام يعني أن تعيش الإنسان كما خلقه الله على الفطرة السوية بدون الشوائب التي جعلت منه كائناً يدور في حلبة صراع، أن تحترم كل ما حولك بشراً أو كائنات، أن تشعر بعظمة الطبيعة.
من عرف السلام الداخلي أدرك لماذا كانت تحية ديننا سلاماً للجميع دون استثناء.