عبدالعزيز بن سعود المتعب
التفاؤل والتشاؤم كل منهما له مسبباته التي يطول شرحها، وقد يتطلّب الحديث في هذا الشأن بحثاً مستقلاً لا إشارة عاجلة.. ولكن ما لفت نظري قصائد لشعراء شباب، الكثير منهم في طور التكوين، ومع هذا يكتب قصيدته بلغة تشاؤم وإحباط من مواقفه في الحياة، وتحديداً علاقته بأصدقائه، وهي ذاتيات لا يُصادر أحداً حريته في التطرق إليها كموضوعات في شعره، ولكن عند نشره لهذه القصائد تكون (من حيث يدري أو لا يدري) قد تجاوزت محيطه الخاص إلى الناس كافة، إذا ما اتفقنا على أن وسائل الإعلام على تنوّعها بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي تضع القصيدة في متناول الجميع -بما لها وعليها-، ومثل هذا التوجه في الشعر غير مبرر من شاب يفترض أن همّته وطموحه وقوة شخصيته وتفاؤله كل منها سبب لتجاوز مثل هذه الحالة -في الشعر-، ناهيك عن أن مجتمعنا العربي الإسلامي يدعو للتفاؤل ومكارم الأخلاق وافتراض حسن الظن بالآخرين وتجاوز منعطفات الحياة بالتجدّد والأمل بالله قبل كل شيء، وحتى لا نظلم بعض أبناء الجيل الحالي من الشعراء نختلق لبعضهم العذر، ربما لاجترارهم تجارب بعض من سبقوهم من الشعراء -والتأثر- بقصائد معينة لهم ونماذجها كثيرة في الفصيح وصنوه الشعبي، من ذلك قول الشاعر المعتصم بن صمادح:
وَزَهَّدني في الناس مَعْرفتي بِهِمْ
وطُول اختباري صَاحباً بَعْدَ صَاحِبِ
فَلَم تُرِني الأيامُ خِلاًّ تَسُرني
مَبَاديهِ إلاَّ سَاءَني في العَواقِبِ..!
ونماذج كثيرة من الشعر كبشار بن برد وغيره لهما في هذا النهج الكثير من القصائد.
وقد روى لي أحد كبار الشعراء الشعبيين المعروفين أنه التقى بأحد الشبان المبتدئين بالشعر، وأسمعه الشاعر الشاب قصيدة يكسوها التشاؤم، وحين طلب شاعرنا الكبير تبرير محتوى القصيدة، قال له الشاعر الشاب مقولة شعبية معروفة: (كلٍ يذكر ما واجه)، فقال له الشاعر الكبير: (يا وليدي ما شفت شي من الدنيا لها الحين خلّك جمل على الدنيا لا تصير حاشي..!).
وقفة للشاعر سعد بن هتيمل الدوسري -رحمه الله-:
أرجي ثلاثٍ فيك من غير مِنَّه
الدِّين الأوَّل والكرم والشجاعه
الرَّجل لا مِنّ الثلاث أَفخَتَنَّه
لا ينبغي زُولِه ولا به طماعه