أهمية الصندوق تكمن في عدالة توزيع الثروة النفطية عبر الأجيال ">
الجزيرة - عبير الزهراني:
أجمع مختصون اقتصاديون على المنحى الإيجابي الكبير الذي شكله إعلان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية حول تأسيس صندوق بقيمة تريليوني دولار لحقبة ما بعد النفط، كونه يصب باتجاه عدالة توزيع الثروة النفطية عبر الأجيال، معتبرين أن التعامل مع المستقبل وفقط خطط استراتجية علمية سيسهم في تعزيز ودعم الاستقرار.
وقال الاقتصادي الدكتور سعيد الشيخ: في نظري هذا مشروع وطني مهم، وإن أتى متاخرا فأحسن من أن لا يأتي. وبحجم هذا الصندوق بالراسمال الذي أعلنه ولي ولي العهد؛ فهو بلاشك سوف يكون اكبر صندوق سيادي على مستوى العالم. إن أهمية هذا الصندوق كونه سيحول جزءاً من مداخيل النفط إلى أصول مدرة للدخل، بحيث تصبح هذه العوائد رافداً لميزانية الدولة في مرحلة تدني مساهمة إيرادات النفط وكذلك فيما بعدها لمرحلة ما بعد النفط. وكذلك تاتي أهمية هذا الصندوق في عدالة توزيع الثروة النفطية عبر الأجيال، وذلك حتى لا يستأثر هذا الجيل بمداخيل النفط على حساب الأجيال القادمة، وإنما تمتد مداخيل هذا الصندوق للأجيال التي تأتي بعدنا. إن لدى مجلس الشورى مشروع نظام صندوق الاحتياط الوطني ضمن المادة 23 المعدلة، وقد عملنا عليه في اللجنة المالية، وأتمنى أن يتم الاستفادة من هذا النظام في إحكام آليات عمله وظبط جميع أعماله بما يحقق أعلى درجات الانضباط والأداء.
من جهته تحدث الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين قائلا: تأتي الاستثمارات السعودية؛ وإن اعتبرت حاليا؛ ركيزة للاحتياطيات الداعمة للاستقرار المالي؛ ضمن الحلول المتاحة لتنويع مصادر الدخل وتوفير دخل موازٍ للنفط وبما يساعد على تعظيم الاستثمارات من جهة؛ وتوفير مصدر لتمويل الاحتياجات الحكومية بعيدا عن إيرادات النفط، لافتا إلى أن الصندوق السيادي كان أحد الاطروحات المهمة في تنويع مصادر الدخل. وكان التركيز على وجوب إدارة الاحتياطيات المالية وفق رؤية استثمارية حصيفة ومن خلال صندوق سيادي يسهم في تحقيق الأهداف.
وأضاف: «تتركز اليوم الاحتياطيات المالية في سندات أمريكية بعوائد محدودة؛ ما يستوجب التعامل معها وفق تعظيم العائد ليكون جزء من مصادر تمويل الموازنة، ومن هنا أعتقد أن إدارة الاحتياطيات من جهة؛ وأصول صندوق الاستثمارات العامة من جهة أخرى وفق رؤية استثمارية حصيفة تجمع بين تحقيق العوائد المرتفعة والتنويع الجغرافي والاستثماري والمخاطر المتدنية هو ما نحتاجه في الوقت الحالي». وأردف البوعينين: التعامل مع المستقبل وفقط خطط استراتجية علمية سيسهم في تحقيق الاستقرار وسيوفر الأمن للأجيال القادمة التي تستوجب منا العمل للمحافظة على مصالحها، وأعتقد أنه من الأفضل التركيز في الصندوق السيادي على الأموال المتاحة حاليا وهي وفيرة وتحتاج إلى هيكلة استثمارية متوافقة مع رؤية الحكومة الحالية، كما أن تحقيق الأهداف البعيدة يفترض أن يتم وفق مراحل لضمان النتائج الإيجابية وللحد من المخاطر. وبالتالي فإن تحقيق النجاح في إدارة الأصول الاستثمارية المتاحة اليوم هو المطلب الملح بعيدا عن البحث عن أصول جديدة قد لا يخلو قرار توفيرها اليوم من مخاطر متنوعة تؤثر سلبا في مستقبل المملكة وأجيالها. وبالتالي فإن المرحلة الحالية تستدعي التركيز على الأصول الاستثمارية المتناثرة وجمعها تحت إدارة واحدة إضافة إلى الاحتياطيات الحكومية بتعظيمها وتحقيق عوائد سنوية توفر التمويل المناسب للحكومة.