أمير جازان لـ(الجزيرة): أتيت حاملاً مسؤولية عظيمة فوجدت المساندة من أبناء المنطقة ">
حاوره - أحمد حكمي:
يتحدث عن جازان بكل براعة يسرد الأحداث بكل تفاصيلها في رحلة النماء والتطوير بعد 15 عاماً منذ انطلاقتها الأولى.. فتجد في حديثه إصرار على مواصلة الإنجاز، وإلمام بكل تفاصيله الصغيرة قبل الكبيرة، إنه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان، الأمير العاشق لجازان الذي أحب أرضها فعمل على تنميتها ونهضتها وإنسانها فأحبته جازان وأحبه أهلها.. فحملها في حدقات العيون وحمل على عاتقه تطويرها ونمائها وتطوير إنسانها ونهضته فكان ذلك همه الأول.. ومنذ أن تولى قياده الإمارة في أيامه الأولى حولها إلى ورش عمل واقفاً بنفسه على كل صغيرة وكبيرة يتابع على مدار الساعة كافة التفاصيل، فتحدى المعضلات ونجح في ترويض العوائق التي وقفت أمام سموه من أجل خدمة جازان «أرضها وإنسانها».
«الجزيرة» في هذا الحوار الذي لا تنقضه الصراحة وبعد مرور 15 عاماً على تولي سموه إمارة المنطقة، جلست إليه ليحدثنا عن آماله وتطلعاته للمرحلة المقبلة وعن ما تم إنجازه في السنوات الماضية، فتحدث سموه حديث الصراحة والوضوح حديث العارف المتمرس الخبير المدرك لكل تفاصيل الأمور لم يترك شاردة ولا واردة إلا أجاب بكل تواضع وشفافية كعادة سموه دائماً.
* 15 عاماً مضت يا سمو الأمير على توليكم إمارة منطقة جازان.. كيف تقيّمون المرحلة الماضية؟
- مرّت أكثر 15 عاماً على قدومي إلى جازان، ولا زلت أتذكر لحظاتي الأولى عند وصولي، أتيت وأنا أحمل مسؤولية عظيمة وطموحات أعظم فلم أجد من أبناء المنطقة إلا الدعم المتواصل والمساندة في كل الأوقات، فطموحات الإنسان ليس لها حدود، في ظل ما تقدمه حكومتنا الرشيدة من أجل نماء الإنسان والمكان ليس في جازان فحسب، بل في جميع مناطق المملكة.. فلذلك مهما عملنا أو اجتهدنا ليس لنا منّة أو معروف، خاصة والدولة تعتمد ميزانيات ضخمة للعديد من المشروعات، وما علينا سوى أن نشمّر عن سواعدنا ونعمل ونحث أفرع الوزارات في المنطقة على العمل وفق ما هو متاح وتوزيعه على أساس التنمية الشاملة للمحافظات والمراكز والقرى.
* منطقة جازان بصفة موقعها الحدودي مع الشقيقة اليمن، حيث «عاصفة الحزم» هناك.. كيف يرى سموكم تنفيذ المشروعات التنموية في المنطقة هل تأثر سير التنمية في ظل الأحداث عاصفة الحزم؟
- دولتنا ولله الحمد والمنة دولة قوية لا يمكن أن تهتم بجانب وتهمل جوانب أخرى لا تقل أهمية ولذلك تنمية المنطقة مستمرة ولم ولن تتأثر بأي حدث أمني، ومن يسكن في جازان لا يمكن أن يشعر بأن المنطقة تعيش نوعاً من الأحداث الأمنية أو ما شابه ذلك فكل الأمور مطمئنة وتسير وفق ما هو مخطط لها.
* سمو الأمير لا زالت هناك بعض من المشروعات المتعثرة في المنطقة، ما هي الحلول التي اتخذها سموكم للقضاء على تعثُّرها؟
- مع الأسف أقولها بكل صراحة نعم هناك تعثُّر لبعض المشروعات وهو أمر مزعج بالنسبة لنا، وإن كانت ليست بالكثيرة مقارنة بالمنجز وهذا حتما يؤثر على الخطط التنموية العامة للمنطقة، ولذلك نعمل من خلال مجلس المنطقة والذي تتفرّع منه عدّة لجان منها لجنة التخطيط والمتابعة ويختص دورها بمراقبة تنفيذ المشروعات عن طريق المراقبة الميدانية، أو ما يرفع لها عن طريق المجالس المحلية والمحافظين ورؤساء المراكز والمواطنين، وبالتالي نكون على اطلاع مستمر بتعثر المشروعات، ونبحث الأسباب ونعمل على حلها وبالتأكيد نحاسب المقصر إن وجد تقصير.
* هل نستطيع القول بأنّ حراك المدينة الاقتصادية لن يتوقف؟
- المدينة الاقتصادية ولله الحمد تتجه نحو الأفضل بفضل ما تجده من دعم ومتابعة خادم الحرمين الشريفين، وهي تسير بالشكل الصحيح وبمجرد إنجاز المشروعات الضخمة مثل مصفاة البترول وغيرها من المصانع، ستجد ان الأثر الاقتصادي بدى واضحا على تنمية المنطقة وأبنائها.
* كيف يقيم سموكم اهتمام الشركات والمصانع التي تعمل في المدينة الاقتصادية بشباب المنطقة؟
- حقيقة ما نلمسه وما يصلنا من تقارير، يؤكد أن ابن جازان قادر على الإنجاز بل ويعتبر من الأيدي العاملة المطلوبة في في جميع المجالات، وهناك أعداد لا بأس بها من أبناء منطقة المنطقة، التحقوا بالعمل في هذه الشركات والبعض يدرس ويتدرب للالتحاق بتلك الشركات، وهذا ما كنا نسعى إليه خلال السنوات الماضية، وبالتأكيد ستتزايد الأعداد عام بعد عام كلما توسعت الشركات وزادت في إنتاجها.
* منطقة جازان حباها الله بالعديد من الجزر فهل سيبقى استثماراتها أمنيات، أم أنّك تلاحظ خطوات استثمارية جادة؟
- من المعلوم بأنّ رأس المال جبان ونحن بدورنا دائماً ما ندفع المستثمرين إلى دراسة الجدوى، بحيث لا يغامر أحدهم وبالتالي يتأثر استثماره ويعطي صورة غير جيدة عن المنطقة.
وفيما يتعلّق بالاستثمار في الجزر تحديداً يعلم الجميع أنّ المنطقة ثروتها الأساسية هي بيئتها فالبيئة مهمة جداً ولدينا أوامر سامية بتشكيل لجنة رباعية، فأي عمل يختص بالشواطئ أو الجزر لا بد أن يمر بهذه اللجنة، والآن الجزيرتان (آمنة وأحبار) طُرحتا للاستثمار رسمياً وأجيزتا من اللجنة، ويتبقى الدور الكبير على المستثمرين لانتهاز مثل الفرص.
* طالبتم بعمل استثناءات لتشجيع الاستثمار في المنطقة للحاق بركب المناطق الأخرى، هل ما زلتم سمو الأمير تنادون بمثل هذه الفكرة التي يشاطركم فيها الرأي أمراء بعض المناطق؟
- دائماً ما ننادي بزيادة السنوات المتاحة للاستثمار من (25 سنة إلى 40 أو 50 سنة) حتى نستطيع جذب المستثمرين، وهنا يجب أن نفرق بين بين المناطق الكبيرة والصغيرة في الجانب الاستثماري من خلال الفرص المتاحة فلا يمكن مقارنة وضع جازان بالرياض ولا جدة ولذلك لا بد من طرح مزايا استثمار ومنها الوقت الكافي لجلب المستثمرين، وأرى أن وجود الربحية ونجاح المشروعات في المناطق الصغيرة أعلى منه في المدن الكبرى التي لا تحتاج للتحضير أو الدعم عكس المناطق الأقل نمواً.
* كيف يرى سموكم أزمة السكن في المنطقة؟
- مشكلتنا في جازان أنّ الطلب أكثر من العرض، وتوجيهاتنا الدائمة لمديري الإدارات الحكومية أن يكونوا على اطلاع بدقائق الأمور وبتوجُّهات الدولة، والوفاء باحتياجات المنطقة، فلذلك دائماً من نحث في هذا الجانب على ضرورة التسهيل لأي مشروع سكني، ونظل نحاول بقدر المستطاع تسهيل المعوقات أمام المستثمرين.
* إلى ماذ تعزو التباين الواضح في المشروعات المنفذة بين محافظات المنطقة؟
- أعزوه إلى غياب التنسيق بين المشروعات مما ساهم بشكل كبير في خلق نوع من عدم التنظيم في بعض المحافظات، ولكن بالتنسيق وإعطاء الصلاحية سواء لمجلس المنطقة أو المجلس المحلي والبلدي، سيكون هناك نوع من التنمية المستدامة، وبالتالي نقضي على العشوائية في تنفيذ المشروعات بين الجهات، ولا ننسى أيضا تعثُّر المشروعات في بسبب المقاولين ساهم أيضا في تأخر تنفيذ بعض مشروعات في بعض المحافظات.
* كأمراء مناطق عندما تلتقون بخادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- بماذا يوصيكم دائماً؟
- مليكنا -حفظه الله- على اطلاع كامل بكل ما يجري في المناطق بشكل يومي وتربطه علاقات جيدة بالكثير من الأدباء والمثقفين في تلك المناطق، وأكثر ما يوصينا به هو المواطن والعمل على خدمته والاستماع له مهما كانت الظروف، وهذا هو ديدن ملوكنا -رحمهم الله جميعاً- منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز.
* تحاول بعض وسائل الإعلام الخارجية بث وإثارة بعض المعلومات حول الاستيلاء على عدد من المواقع الحدودية في المنطقة.. وأنتم الرجل الأول في المنطقة بماذا تردون سموكم على هؤلاء؟
- أولاً يجب أن نفهم أن وسائل الإعلام التي تبث مثل هذه المعلومات مدفوعة من دول معادية لهذا البلاد همهما الوحيد زعزعة الأمن وأيضا النيل من ثقة رجال أمننا وبالتالي فأهدافها مكشوفة بعد الخسائر التي مني بها الأعداء في الميدان وهي بالتأكيد لن تنال من همم أبطالنا البواسل ولا من تماسك من مجتمعنا الذي تربى على الوفاء والإخلاص.. أما من بشأن المواقع الحدودية فهي آمنة وتحت السيطرة ولن نفرط في شبر واحد من ثرى هذه البلاد الطاهرة.
* ما أثير من بلبلة إعلامية حول الفساد المالي في إمارة المنطقة.. ما تعليق سموكم على القضية وأين وصلت؟
- الإمارة بينت موقفها من خلال بيان بثته عبر وسائل الإعلام المختلفة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال السكوت أو التستر على أي مخطئ أياً كان متى ما وجدنا أن هناك بالفعل مخطئاً، في المقابل يجب على بعض وسائل الإعلام التريث قليلاً قبل إلقاء التهم جزافاً على أي جهة وهذا ما تقتضيه المهنية الإعلامية. نحن مع أي طرح إعلامي متزن ولا نمانع في كشف الحقائق فالإعلام هو مرآة لنا في جميع المواقع لكن يجب أن تطرح الحقائق كما هي دون زيادة أو إثارة.
* اهتمام سموكم بالشباب ظهر جلياً من خلال دعمكم لمجلس شباب المنطقة كيف يرى سموكم تجربة المجلس حتى الآن؟
- المجلس يمثل فئة تعد هي الأغلبية بين فئات المجتمع والأداة الفاعلة في التنمية والتطوير من خلال ما يمتلكونه من قدرات جعلتهم جزء مهم في مسيرة التنمية فلذلك دائماً ما أوجه أعضاء مجلس شباب جازان بضرورة التعاون الجاد والمخلص وتمثيل شباب المنطقة أفضل تمثيل سعياً لخدمة لدينهم ومنطقتهم ووطنهم العزيز وقيادتهم الرشيدة. شباب وشابات المنطقة بحاجة إلى دعم متواصل وهذا واجب علينا جميعاً دون استثناء.. وإمارة المنطقة تعمل على تلبية كل ما يحتاجه شباب جازان وتبني أفكارهم وإبداعاتهم في شتى المجالات الرياضية والأدبية والثقافية والعلمية وغيرها من المجالات بما يضمن تلبية تلك الاحتياجات ويجعلها موضع التنفيذ.
* كارثة مستشفى جازان العام كانت من أسوء الكوراث في المنطقة، تقييم سموكم للتعامل مع الكارثة باعتبارها ثالث أسوأ كارثة في العالم؟
- كارثة مستشفى جازان العام لا يمكن نسيانها بأي حال من الأحوال، وآلمنا كثيراً فقدنا لعدد من الضحايا، والجميع تعامل مع الكارثة من الناحية الإنسانية قبل أن تكون مهام عمل يجي أن يؤديها، ولا يمكن لأي جهة تعي مسؤوليتها أن تكتشف خطا ما لديها ولا تعمل على تصحيحه فلذلك حرصنا جميعاً على تلقي المصابين الرعاية الصحية الكاملة وعودة المستشفى إلى وضعه الطبيعي بأسرع وقت ممكن وإيجاد حلول بديلة لتقديم الرعاية الصحية تليق بأبناء المنطقة ومن خلال متابعتي مع وزارة الصحة وجدت أنهم قطعوا شوطاً كبيراً في العمل على دراسة إعادة تأهيل مبنى المستشفى وعودته للعمل من جديد وتفادي العيوب التي كانت فيه من خلال دراسات هندسية دقيقة إضافة إلى العمل على إنشاء مشروعات صحية جديدة سترى النور قريباً -بإذن الله-.
* ولكن هناك من رأى يا سمو الأمير أن نتائج التحقيقات لم تكن منصفة للضحايا؟
- بالنسبة للتحقيقات لم تكن هناك لجنة واحدة حتى يمكن التشكيك في النتائج ولكن كلفت أكثر من لجنة ووجدنا أن النتائج متطابقة، وقبل هذا كله نحن في بلد يحكم بشرع الله ولن يهضم حق أي مواطن أو مقيم فيه وستتخذ الإجراءات القانونية الصارمة تجاه كل من كان له دور في سوء التصميم والتنفيذ.
* زرتم مؤخراً محافظة الدرب وهي من ضمن زيارات مجدولة يقوم بها سموكم لمحافظات المنطقة، كيف كانت الزيارة وما هي الأهداف التي يرجوها سموكم من مثل هذه الزيارات؟
- زياراتي لمحافظات المنطقة تأتي في المقام للأول للاطلاع عن قرب على المشروعات المنفذه أو ما هو تحت التنفيذ وأيضاً الاستماع للأهالي في تلك المحافظات فليس كل مواطن لديه المقدرة أن يأتي إلى مكتبنا في الإمارة فلذلك أحرص دائماً على زيارة المحافظات. أما زيارتي الأخيرة للدرب فكانت للاطلاع على المشروعات المنفذة والتي تحت التنفيذ بالمحافظة، وهذا ولله الحمد فيه دلالة واضحة أن عجلة التنمية في المنطقة تسير وأن حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لا تألو جهداً في ضخ المليارات لتنفيذ المشروعات التي تصب في خدمة المواطن.
* لا زال سموكم مهتم كثيراً بالجلسة الأسبوعية التي تقام كل يوم ثلاثاء في مجلس سموكم العامر.. بعد كل هذه السنين من عمر الجلسة كيف يرى سموكم نتائجها.
- الجلسة الأسبوعية من وجهة نظري ملتقى اجتماعي ثقافي مهم جدا يتم من خلاله بحث الكثير من القضايا التي تخدم الصالح العام في المنطقة والميزة في هذه الجلسة أنها تجمع كافة شرائح المجتمع فالباب مفتوح للجميع ولهم الحق في المناقشة وإبداء الرأي فيما يطرح كل أسبوع كموضوعات فلذلك أحرص دائماً على حضور المسؤولين في المنطقة وأضعهم أمام المواطن ويتم النقاش بكل شفافية حتى نصل إلى هدفنا المنشود من أجل نماء وتطوير المنطقة.
* طالب سموكم مؤخراً بضرورة دخول نظام ساهر إلى المنطقة وأيضاً تكثيف العمل الميداني للجهات الأمنية في هذا الجانب.. ما الذي تغير يا سمو الأمير؟
- حقيقة وصلنا إلى مرحلة خطيرة جداً دون مبالغة فالمنطقة تفقد الكثير من أبنائها على الطرقات بسبب الحوادث المرورية والأرقام في هذا الخصوص تزداد يوماً بعد يوم فلذلك نحن نعمل على الحلول ومن ضمنها نظام ساهر لعلنا نكبح به قليلاً من جماح التهور. للأسف هناك بيوت أغلقت بسبب الحوادث وأطفال تيتموا والمستشفيات مليئة بأعداد كبيرة من المصابين فلذلك علينا جميعاً تحمل المسؤولية سواء من خلال رفع مستوى الوعي أو الضرب بيد من حديد وإيقاع أقصى العقوبات على المتهورين حتى يكونوا عبرة لغيرهم.
* ماذا تقول يا سمو الأمير في نهاية هذا الحوار؟
- شكراً لكم على إتاحة هذه الفرصة ويسعدني من خلال صحيفتكم أن أوجه رسالة محبة لأبناء جازان وأقول لهم: إذا تحقق إنجاز في المنطقة أو نهضة تنموية خلال السنوات الماضية فهي بفضل دعمكم ومساندتكم لنا ونعدكم ببذل كل ما نستطيع من أجل مواصلة هذا النماء والازدهار وستظل مكاتبنا مفتوحة لكم للاستنارة برأيكم.