«الضرورة» تبيح لشركات «إعادة التأمين» الإسلامي التأمين لدى نظيرتها التقليدية ">
الجزيرة - الرياض:
تجدد صناعة إعادة التمويل الإسلامي (إعادة التكافل) شبابها بفضل دخول لاعبين جدد واتساع نطاق سوق منتجات التأمين الموافقة لأحكام الشريعة مما يساعد القطاع لينأى بنفسه عن خطوط إعادة التأمين التقليدي التي اعتمد عليها لفترة طويلة. ومع هذا فالبديل الإسلامي ليس كبيرا بما يكفي لدرجة تسمح لشركات التكافل أن تستغني عن إعادة التأمين لدى الشركات التقليدية الكبرى. وإعادة التأمين هو التأمين الذي يتم شراؤه من قبل شركة تأمين من شركة تأمين أخرى أو أكثر، كوسيلة لإدارة الخطر. بمعنى آخر أن تدفع شركة التأمين جزءاً من أقساط التأمين التي تحصل عليها من المؤمن عليهم لشركة إعادة تأمين تضمن لها في مقابل ذلك جزءاً من الخسائر، فإذا وقع الخطر المؤمن ضده لجأ المؤمن عليه إلى شركة التأمين التي تدفع له تعويض عن الخسارة، ثم شركة التأمين بدورها تطالب شركة إعادة التأمين بدفع جزء من التعويض حسب الاتفاق المبرم بينهم.
ويعد نشاط التكافل من معايير قياس مدى شهية المستهلكين للمنتجات المالية الإسلامية ومن أكبر أسواقه السعودية والإمارات وماليزيا.
لكن منذ تدشين أول شركة تكافل في السودان عام 1979 يكافح القطاع في ظل نقص طاقة إعادة التأمين الموافقة للشريعة الضرورية لإدارة المخاطر الزائدة.
لذا تقوم شركات التكافل بإعادة التأمين على جزء كبير من مخاطرها باستخدام الخطوط التقليدية في ممارسة يسمح بها مبدأ الضرورة.
لكن هذا النهج يواجه تحديا متزايدا مع توسع القطاع. وتفيد تقديرات «إي.واي» الاستشارية بأن إجمالي أقساط التكافل سيصل إلى 20 مليار دولار عالميا بحلول 2017.
وقال مارسل باب، مدير وحدة إعادة التكافل في «سويس ري» ثاني أكبر شركة إعادة تأمين في العالم لـ»رويترز» إن الشركة تجري محادثات مع لاعبين بالسوق الماليزية ومع اتحاد التكافل الماليزي لتوفير منتجات إعادة التكافل بالسوق.
وقال: «هيئة السوق الماليزية تدعم هذه المبادرة. إضافة إلى ذلك فإن لوائح مشددة مزمعة بخصوص التكافل وبخاصة في مجلس التعاون الخليجي ستعود بالنفع على قطاع إعادة التكافل».
وترفع «لويدز لندن» طاقتها في القطاع حيث فتحت مكتبا في دبي وتجري محادثات مع الجهات التنظيمية لدخول السوق الماليزية.
وقال جيمس باجشو، المدير التنفيذي للعمليات في «كوبالت أندر- رايتنج» وهي شركة متخصصة في التأمين الإسلامي إن هذا سيكفل تكافؤ الأسعار بين إعادة التكافل والخطوط التقليدية.
قوة الدفع
وتكافح بعض شركات إعادة التكافل لتغطية المخاطر الكبيرة والمتخصصة. إحدى تلك الشركات «بست ري» واجهت خسائر ثقيلة بسبب فيضانات تايلاند في 2011 وأمرت محكمة ماليزية بتصفيتها بسبب نزاع قضائي. وتوصلت الشركة وهي وحدة للشركة العربية الإسلامية للتأمين (سلامة) ومقرها دبي إلى تسوية خارج المحكمة العام الماضي.
وتتحسن فرص إعادة التكافل مع زيادة الطلب في ظل دخول لاعبين جدد بسوق التكافل.
وتنوي سلامة تدشين شركة تكافل في مصر هذا العام، وشهدت سلطنة عمان فتح شركتين من هذا النوع في 2014 وهناك ثالثة في الطريق، بينما تنوي مجموعة دوجا التركية بدء العمل بالسوق المحلية في الأشهر المقبلة.
وقال باب، من سويس ري: «في الأشهر القليلة الماضية لاحظنا اهتماما متزايدا بالتكافل في أسواق جديدة بأفريقيا وأوروبا وهو ما سيؤدي إلى فرص أعمال جديدة».
ويظل بوسع شركات التكافل العمل وفقا لمبدأ الضرورة لكن خياراتها تخضع لآراء الفقهاء وللهيئات التنظيمية الحريصة على تطوير أسواقها المحلية.
وقال بريم ساجارا، الرئيس التنفيذي لشركة ايه.سي.آر لإعادة التكافل ام.إي.ايه في البحرين: «من أقوى أسباب تنامي هذا التوجه العام هو أن المجالس الشرعية لشركات التكافل تصر بشكل متزايد على استخدام إعادة التكافل. بل إن هناك دوافع تتعلق بالجهات التنظيمية في بعض الأسواق للمساعدة في دعم هذا التوجيه لمخاطر التكافل صوب قنوات إعادة التكافل».
وتقول حكومة دبي التي أطلقت مبادرة لتطوير الأنشطة الإسلامية في 2013 إن نقص طاقة إعادة التكافل ينطوي على فرصة للأعمال في الإمارة.
ولا تتوافر أرقام رسمية عن مدى استخدام مبدأ الضرورة وهو ما يجعل من الصعب تقدير حجم التحول صوب إعادة التكافل لكنها ممارسة واسعة الانتشار.
وقال فاسيليس كاتسيبيس، المدير العام المقيم في دبي لتطوير السوق بوكالة تصنيفات إعادة التأمين ايه.ام. بست: «في تقديري أن الغالبية العظمى (أكثر من 80 بالمئة من الأقساط) تودع لدى شركات إعادة تأمين تقليدية».
وأضاف أن تلك النسبة تتفاوت من منطقة لأخرى ومن قطاع أعمال لآخر إذ تواجه شركات التكافل الخليجية صعوبات أشد في معالجة المخاطر الزائدة حيث تقدم خدمات التأمين على غير الحياة وتغطي في حالات كثيرة مخاطر أكبر مقارنة مع الشركات في ماليزيا.
من ناحية أخرى، قالت شركة كوبالت للتأمين في لندن إنها ستضم الوحدة الأوروبية لشركة كيو.بي.إي إلى منصتها للتأمين المتوافق مع الشريعة الإسلامية وهو ما يساعد في تعزيز الطاقة الاستيعابية لقطاع التكافل.
ومنصة كوبالت جزء من عدة مبادرات تهدف لتعزيز مسوغات لندن في قطاع التمويل الإسلامي.
وتستخدم المنصة نموذجا يساعد على توزيع المخاطر بين عدد من الشركات حيث تجمع الشركات طاقاتها معا في حين يسمح لكل شركة بالاكتتاب حتى مستوى المخاطر الذي تريده عبر نوافذ إسلامية فردية.
ويتم تسعير المخاطر من جانب شركة تأمين رائدة وتقوم شركات أخرى بالاكتتاب بشروط متشابهة وهي آلية شبيهة بنموذج الاكتتاب المستخدم في سوق لويدز للتأمين في لندن.
وتأمل شركة كوبالت التي تأسست عام 2012 برأسمال من شركة كابيتال لخدمات التأمين وبنك لندن والشرق الأوسط أن تنجح في سد الفجوات الموجودة في قطاعي التأمين وإعادة التأمين الإسلاميين.
وتسعى الشركة للدخول في صفقات كبيرة لا تقل أحجامها عن 30 مليون دولار ويمكن توجيه الطاقات الإضافية لتغطية مخاطر أخرى منها تمويل التجارة ومؤسسات التمويل الإسلامي والطاقة والطيران.