إبراهيم بن جلال فضلون ">
كلما فتحت قناة، رأيت أشباح وجوه حمراء تتشنّج من كثرة ما ارتوت بدماء الأبرياء، وهي تتربع على جماجمها ولا تشعر ولكن لنُنبأنهُم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون. وكلما اطلعت على نص صحيفة، أهالني ما بها من زمن غابر يتكرر. وألسُن ها هنا وهناك تمتدح بجهل ويتهامسون ويتخافتون مُشكّلين هدفاً وذريعة لسياسات الحكومات الغربية تجاه دول الجنوب والشرق، لتخلق حالة من العنصرية بين المسلمين والعرب من جهة، والأوروبيين من جهة أخرى، وهو ما شكّل مبررات لكثير من حوادث الإرهاب.
لندخل إلى البيت من بابه لا من نوافذه؛ حتى نبعج للقراء ما في بطوننا من أحشاء دماء أبكيناها وأبكتنا، وأبكت الأرض عندما طُرح عليها قابيل، ودون أن نطنب على الحياة، هل سمع أحد عن القتل الاستباحي العدواني للنفس البشرية، ونشر الرعب في الأرض من غير حق.. كيف كان؟ وكيف أصبح؟ لا - فالإجابة لا تحتاج إلى تفسير. لكننا لا يجب أن نمر عليه مرور الكرام. فقد صار اليوم ظاهرةً ترتكب باسم الدّين والجهاد، وأمجاد الخلافة الإسلامية عبر أعمال إرهابية وحرب عصابات تحاول تجنُّب أي حرب تقليدية أمام جيوش عالمية لا قِبل لها بمواجهتها ميدانياً.
فمن الواضح أن المهاجرين في أوروبا يُشكّلون هدفاً لعمليات إرهابية من أهالي الدول الغربية الذين لا يرغبون في وجودهم، بل ويشكّلون مناخًا خصبًا لتفريخ إرهابيين من داخلهم، نتيجة حصارهم ما بين التعامل السيئ في دول المهجر وظروفهم المعيشية الطاردة في مواطنهم الأصلية، فما استفاقت عليه بروكسل من هزات مُنسقة على المطار الدولي ومحطة المترو في أحدث فصول استهدفت أوروبا كانت «لحظة مأساة، لحظة سوداء»، جزء من مشروع عولمة لفكر داعشي، ولا خفاء لهم، وإن خادعوا الناس... فالكل بات يعلم من هم في صفحة الكذاب الأشر، لكن ما ذنب الأبرياء.. قد توجهوا من سوريا والعراق إلى حدود أوروبا.. ولا مُعين أو مُجيب. قَدّمُوا ملفهم للعالم الغربي، لكنهم في غياهب النسيان كيوسف عليه السلام، أو يونس في بطن الحوت.. كأن ذلك ليس من شأن بشر؛ فتستقي داعش من دماء شعوب بريئة لتنقل إليهم البترول والآثار وما يُريدون، وهم لا يفقهون أن داعش تُحرك عساكرها من ساحة الشرق إلى بلدان الغرب دون أن يعتبروا... فمتى تستفيق أوربا وتعي ما نادى به الملك عبد الله - رحمه الله - وخلفه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله ورعاه -.