قرأت المشور في العدد 17433 تاريخ 17-3-2016 المتضمن حركة تنقلات تدويرية لعدد من رؤساء البلديات بمنطقة الرياض، وقد أسعدني كثيراً سياق الخبر لما يحمله من مضامين محمودة غايتها ضخ دماء جديدة وتطوير أساليب العمل، وبعد استشراف الموضوع لأهميته البالغة كونه يتعلق بمصلحة المواطن والصالح العام، تبين أن ذلك التدوير جاء توافقاً مع ما عرضه وكيل الأمين لشؤون بلديات المنطقة على معالي الأمين، وتداولته وسائل التواصل الاجتماعي وما صاحبه من انتقادات بالأوساط البلدية والاجتماعية دفعت العديد من أهالي بعض المحافظات والمراكز المشمولة بلدياتها لإبداء رغباتهم الجادة أمام مقام الوزارة والأمانة، التماساً لإبقاء رؤساء بلديات محافظاتهم للاستمرار في عطاءاتهم الملموسة وجهودهم النشطة وإنجازاتهم الخدمية والتطويرية المشهودة، حيث المواطن هو الأقرب والأدرى بمعرفة ما تقدمه البلدية من خدمات سيما في حال غياب المراجعة التقييمية المستمرة ورصد مستويات أداء رؤساء البلديات ميدانياً على أرض الواقع إحقاقاً للحقوق، كما لا يخفى أن المواطن بات شريكاً في صنع القرار من خلال انتخابات المجالس البلدية اتساقاً مع تطلعات حكومتنا الرشيدة الرامية لتحقيق الأهداف المنشودة من تكوينها، ومن المستقر عليه أن ركني (السبب والغاية) لأي قرار إداري يكون باعثهما تحقيق المصلحة العامة، خصوصاً وأننا نعيش عصر الشفافية والثقافة المعرفية للوصول إلى تحقيق ما هو أجدى لمصلحة المواطن والمصلحة العامة.
ومن هذا المنظور النبيل رغبنا التعقيب على الموضوع خلال الإيماءات الحقيقية التالية:
1 - من الأمور المتعين أخذها بعين الاعتبار عند تنقلات رؤساء البلديات أو غيرهم من المسؤولين مراعاة جانب الاستقرار الاجتماعي والنفسي من خلال ضرورة توافق التوقيت الزمني لنقل المسؤول ليتواءم مع الوضع الدراسي لأبنائه سيما طلاب وطالبات الكليات لئلا يتعذر قبولهم في نظيراتها من الكليات الأخرى، ومن الملاحظ إصدار قرار تلك التنقلات في (منتصف الفصل الدراسي الثاني) ما يؤثر ذلك سلباً على المستويات الدراسية والحصيلة العلمية.
2 - جميع رؤساء البلديات المشمولين بالتدوير لم تتح لهم المدة الكافية لإفادة بلدياتهم التي يرأسونها، حيث تراوحت مدد بقائهم ما بين (سنة واحدة إلى ثلاث سنوات)، ومن بينهم رؤساء بلديات لم يتبق على إحالتهم للتقاعد سوى (سنة واحدة) تقريباً، مما يتعذر على هذه الدماء الجديدة تطوير أساليب العمل!! أو تقديم شيء من المأمول منهم للبلديات المنقولين إليها، فضلاً عما إذا كان لديهم رصيد من الإجازات العادية سيضطرون للاستفادة منها كونها من حقوقهم المستحقة، فهل يا ترى أن في ذلك مصلحة متحققة للمواطن والمصلحة العامة؟ ثم ألا يحق أن نتذكر قول الشاعر:
متى يبلغ البنيان يوماً تمامه
إذا كنت تبني وغيرُك يهدمُ
3 - من رؤيتي الشخصية تجاه مصلحة العمل أن تكون المراتب الوظيفية مُلاقية في حركة التدوير، ومن الملاحظ نقل رئيس بلدية إحدى المراكز إلى رئاسة بلدية محافظة تقل مرتبته كثيراً عن المرتبة المعتمدة للبلدية المنقول إليها.
4 - من الأمور المهمة واللافتة أن لجنة رؤساء البلديات المهنية بالوزارة برئاسة الوكيل لشؤون التخطيط والبرامج بحكم اختصاصاتها العملية لم توافق على إقرار ذلك التدوير بل إعادته لأمانة المنطقة بالعديد من الملاحظات.
هذا ما رأيناه حول ذلك الموضوع الجدير بالعناية والاهتمام، مع ملاحظة أن الاختلاف بالرأي لا يفسد للود قضية سيما إذا كان متعلقاً بخدمة المواطن والصالح العام. وفق الله الجميع للسداد والرشاد في القول والعمل.
سعد بن محمد العويس - الدوادمي - إعلامي