حسن اليمني
بالتأكيد، الشأن الداخلي لأي دولة أمر يخصها هي وليس من مبادئ السياسة السعودية التدخل فيها أو حتى اتخاذ موقف سياسي بناء على ذلك، هكذا أفهم السياسة السعودية.
فقط حين يمس الأمر الأمن القومي العربي، وحين يصبح التدخل لحماية الكيان لا السياسات تتدخل المملكة العربية السعودية مؤدية واجبها الحتمي دون بحث عن مردود خاص أو أثمان لمواقف تراها السعودية مستحقة عليها تجاه أمتها العربية والإسلامية...
وفي زخم ما يتعرض له الوطن العربي اليوم من تدخلات دولية وإقليمية تصبح الحاجة ماسة والضرورة ملحة لتوافق في الرؤية بين السعودية ومصر، وهذا ما نتطلع له خلاصة لنتائج الزيارة الملكية الأولى لمصر في عهد ما بعد الربيع العربي.
من حق الإخوة الأشقاء في مصر أن نصدق لهم بالنصيحة ومن حقنا أن نبين لهم قلقنا ورؤيتنا لما يمكن أن يساعد في تحقيق توافق وتواؤم باتجاه خدمة القضايا العربية، الأمر جدا خطير، ويستدعي اتخاذ مواقف حقيقية تنظر للمحيط العربي برؤية أوسع من جزئية ضيقة، التحصين أول أدوات الحماية والحماية ضرورة للأمن والاستقرار، وفي حين نرى المشهد في منطقتنا العربية مخلخلا ومهلهلا فلا يصح أن نبقى ننتظر إلى أن تصلنا زلازل المحن، وأقصد أن أمن أي قطر عربي يبدأ من حدود الوطن العربي بكل اتجاهاته، ولا يصح إطلاقاً أن نستخدم أمن واستقرار المنطقة في تبادل مصلحي ضيق، هذا عبث وليس سياسة.
نحن في المملكة العربية السعودية نشاهد قنوات ونقرأ صحفاً مصرية لا تألو جهداً في النيل من بلادنا وأشخاصها بما في ذلك ملكها الذي يزور مصر اليوم، ونتوقع أن يدرك المنتسبين للرأي والفكر والثقافة والإعلام بشكل عام في مصر أنه قد آن الأوان للنهوض في الرؤية نحو أفق أوسع وأرحب يأخذ مصلحة الأمة العربية في أمنها واستقرارها قضية أساسية تستحق أن تكون الأهم والمقدمة على غيرها، وهي فعلا كذلك إلا لدى البعض ضيقي الأفق.
إن الأمة العربية اليوم في حاجة لمصر العروبة، وأن وضع المنطقة العربية المخلخل يحتاج وقفة جادة بعيداً عن التعالي أو الانزواء؛ فالمصير واحد وإن تباعدت مراحله الزمنية، وفي التوافق السعودي المصري على رؤية منسجمة للذود والدفاع عن الامة وحماية أمنها واستقرارها قوة جبارة تستطيع مواجهة هذه الأخطار وتوحيد الصف العربي في مدى ومحور رؤية وطريق خلاص يواجه ما تتعرض له المنطقة من تدخلات دولية وإقليمية سلبية، والتحالف والتآزر مع قوى إقليمية تنسجم في رؤيتها للمستقبل مع أمن واستقرار المنطقة العربية بأكبر قدر ممكن من الانسجام على الأقل في مسار الدفاع السياسي والعسكري.
وأخيراً فإن المملكة العربية السعودية وهي التي أخذت على عاتقها الذود والدفاع عن الأمن القومي العربي والإسلامي قادرة بعون الله على المواجهة والانتصار بفضل يقظة دبلوماسية سابقة للأحداث والاستعداد لاتخاذ مواقف حازمة حاسمة دون تردد مع إدراكها التام لواقع الحال في المنطقة والساحة الدولية، ولمصر العروبة السبق في قيادة المنطقة والذود عنها وهي اليوم قادرة على دعم وإسناد الجهود المبذولة للدفاع عن أمن واستقرار الوطن العربي وهو ما ينتظر ليكون أبرز نتائج هذه الزيارة الميمونة.