م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- في أواخر القرن التاسع عشر اتهم الشيوعيون الرأسماليين بأنهم يدفعون الناس إلى الاستهلاك.
وأنهم بذلك سيدفعون المجتمعات نحو الانهيار لأنه سيتم استعبادهم حتى يشبعوا نهمهم للاستهلاك.
لكن بمرور أقل من قرن انهارت الشيوعية وبقيت الرأسمالية على رأس الهرم يدار بفكرها العالم.
2- يقول الرأسماليون إن الاستهلاك هو تدوير لحركة رأس المال ودفع للاقتصاد وتحريك للمجتمع.. بكل ما تحمله تلك الدورة الاقتصادية من خطورة نهم الاستهلاك وكيف أنها يمكن أن تدمر الشخص وعائلته وتوقعهم في شر استهلاكهم.. ويرون أن حالات الفشل نتيجة الاستهلاك هي حالات فردية وليست جماعية..وأن الاستهلاك هو حالة من التدافع التي تدعو إلى التطور والزيادة والحركة إلى الأمام.. فالسوق عرض وطلب والاستهلاك ضد الكساد.. ومن هنا ينشأ التطوير والتقدم والتحسين.
3- وإيماناً بقدرة الاستهلاك على تطوير الأمم فإن نظام الضرائب في أمريكا مثلاً يخصم كل ما يتم صرفه في الاستهلاك من الاستحقاق الضريبي على الفرد والمؤسسة.. فتجد نفسك مندفعاً نحو تحمُّل نفقات غداء أو عشاء عمل أو دفع تكاليف تدريب موظفي شركتك أو إرسالهم لحضور معارض ومؤتمرات محلية ودولية.
4- الادخار أيضاً هو أحد مذاهب الرأسمالية العديدة.. وهو في العادة ينجح في المجتمعات التي تعرضت إلى ظروف اقتصادية قاهرة جعلت ذلك الجيل أكثر إيماناً وتطبيقاً لمبدأ الادخار.. لكن مع الرخاء والرفاهية والاستقرار يصبح تطبيق الادخار بخلاً في ثقافة المجتمع وعرفه.. ويقابل مذهب الادخار مذهب متطرف وهو «أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب».. وهذا يقابله مذهب متطرف آخر وهو أمّسِك دراهمك «واحفظ قرشك الأبيض إلى اليوم الأسود».. وكلها تقف خاسرة أمام مذهب الاعتدال في الإنفاق والادخار.. يقول الله تعالى في كتابه: «ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً».
5- نعيش اليوم عصر المستهلك بامتياز.. فقد سيطرت قنوات التسويق على كل شيء إلى حد الإغراق.. وأصبحت العروض ومساحة الاختيار من السعة والتعدد والتنوع وتقارب الجودة ودرجة التشابه في كل شيء تقريباً ما يجعل الفرد في حيرة من أمره.. من هنا أصبح ميدان معركة تسويق الاستهلاك هو الخدمة وتجربة العميل والإغراءات والدعوات المتكررة في مختلف الوسائل للاستهلاك.