العمل التطوعي في الدين الإسلامي هو عمل غير ربحي لا يقدم نظير أجر معلوم، وهو عمل غير وظيفي، يقوم به الأفراد رجالا ونساء من أجل مساعدة وتنمية مستوى معيشة الآخرين من جيرانهم أو المجتمعات البشرية والوطن، بدافع الرغبة في نيل الثواب من عند الله سبحانه وتعالى، إلى جانب الحس الإيماني والشعور بالآخرين والتفاعل معهم من خلال الانخراط في فعاليات العمل التطوعي، هكذا رعى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود الملتقى التطوعي الأول للبرنامج الوقائي الوطني للطلاب والطالبات (فَطِن) بمدينة الرياض ليكون بهذا نبراساً ومثلاً أعلى لنا بالتطوع، إذ تتعدد أشكال العمل التطوعي أما فردي وهو عمل أو سلوك اجتماعي يمارسه الفرد من تلقاء نفسه وبرغبة منه وإرادة دون أي مردود مادي، ويقوم على اعتبارات أخلاقية أو اجتماعية أو إنسانية أو دينية كمساعدة محتاج أو تعليم أمي، أو تفريج كربة، أو إصلاح ذات البين. والشكل الثاني المؤسسي وهو أكثر تقدماً من العمل التطوعي الفردي وأكثر تنظيماً وأوسع تأثيراً في المجتمع، وفي الوطن كالجمعيات الخيرية لمساعدة الفقراء والمحتاجين، وحل المشكلات الاجتماعية والأسرية، وتوجد مؤسسات متعددة وجمعيات حكومية وأهلية تساهم في أعمال تطوعية كبيرة لخدمة المجتمع.
مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي الالكتروني خلال السنوات الماضية بشكل متسارع وفرض تطور تكنولوجيا الإعلام والاتصال نفسه على واقعنا الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وبات واضحاً أن أكثر المتفاعلين مع هذه التطورات والأكثر تأثرا بها هم شريحة الشباب، وهذا الأمر أفرز ما يعرف بـ «التطوع الإلكتروني» أو «التطوع الافتراضي» أو «التطوع أون لاين» في السنوات الأخيرة، وكان هذا التطوع في بداياته يتم بصور جزئية وقليلة؛ بسبب محدودية توافر خدمة الإنترنت لدى الناس، ولاسيما في البيوت والعمل، أما الآن فإنه يتسع كماً ونوعا، وربما تمدد وبنسب معتبرة على حساب التطوع الميداني والذي يتم على أرض الواقع، وشاهدنا الكثير من الأعمال التطوعية التي كانت نواتها انطلاقات عبر مواقع التواصل أدت خدمات فاعلة خلال أزمات الحالات الجوية على بعض المناطق بالمملكة، وتنوع الأعمال التطوعية وانتشارها دليل على وجود وازع داخلي يوجه نحو فعل الخير بدون أي مقابل ومن المهم أن ندرك أن التطوع الإلكتروني يكمّل التطوع الميداني ويدعم وظائفه، وقد يتمكن المتطوع الإلكتروني من أن يحقق ما لا يستطيع المتطوع العادي القيام به، سواء على مستوى طرح الأفكار أو المشاريع، أو حشد الدعم أو التأييد لها، أو تقديم الدورات والاستشارات، أو نشر الخير وتعميمه وهو في مكتبه أو منزله، فالمبادرات للخيرات كثيرة وسهلة فاغتنم ما يمكنك القيام به وكن من المبادرين والسابقين في الخيرات والأجر إن شاء الله.
- كاتب ومفكر سعودي