الجزيرة - علي القحطاني:
رصدت وزارة العدل أكثر من 54 ألف دعوى قضائية مالية، جراء خلافات بين الملاك والمستأجرين بمختلف المناطق، ما بين عامي 1432هـ و1436هـ، ووفقًا لمؤشر وزارة العدل الإلكتروني للقضايا المالية عن إيجارات العقارات، فإن متوسط عدد القضايا يوميا التي تستقبلها المحاكم يقدر بـ30 قضية، مقابل 28160 قضية سجلت في الأعوام من 1427هـ حتى1431هـ، بمعدل 15 قضية يوميا خلال تلك الفترة.
ويتضح بحسب مؤشرات وزارة العدل أن بداية انعكاسات أزمة الخلافات بين المستأجرين والملاك كانت في عام 1432هـ، حيث سجلت المحاكم في جميع مناطق المملكة 10043 قضية تتعلق بخلافات مالية على سداد الإيجارات، وذلك يعتبر ضعف أعداد القضايا المسجلة في الأعوام الخمسة التي سبقتها.
وبسبب تلك الخلافات وزيادتها تم إقرار نظام إيجار من قبل مجلس الوزراء السعودي في فبراير 2014م, والهدف الأساسي منه يكمن في الحد من التلاعب في أسعار السوق وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر.
بحسب خبراء عقاريين واقتصاديين فإن القرار يعد من أكثر القرارات الاقتصادية تأثيرا لأنه يتعلق بتنظيم حياة نحو نصف سكان المملكة الذين يعتمدون على التأجير، كما أن قطاع الإيجار في اتساع مستمر بسبب ارتفاع أسعار الشقق والبيوت التمليك, بالإضافة إلى شح الأراضي السكنية بالمدن السعودية، متوقعين أن دفع مؤسسة النقد العربي السعودي بإلزام المنتفعين من القروض العقارية لشراء الوحدات السكنية بدفع 30 في المائة من قيمة القرض كدفعة أولى سيزيد من التوسع في سوق الإيجارات.
بدوره قال مستشار وزير الإسكان المهندس محمد البطي: إن منصة إيجار الإلكترونية ستسهم في إيجاد التوازن المطلوب بين العرض والطلب، وتوفر الثقة بين أطراف العملية، مما سيكون له انعكاسات إيجابية على الاستثمار في القطاع العقاري ومعرفة الإحصاءات، مبيناً أن الوزارة تسعى من خلال منظومة مشروعاتها لإيجاد حلول شاملة لقطاع الإسكان بشتى جوانبه، وأنّ مشروع (إيجار) الذي تعكف الوزارة على تطبيقه التطبيق الفعلي ليس موقعا إلكترونيا ترويجيا بل هو منظومة تشريعية تنظيمية لقطاع الإيجار الذي تبلغ عدد وحداته قرابة المليون وحدة سكنية مؤجرة، وهناك مكاتب عشوائية تقوم بدور سلبي واستغلال للمواطن، إضافة إلى شكوى بعض المكاتب المرخّصة من تعثر المؤجرين في السداد، فقطاع الإيجار يحتاج إلى تقنين وتنظيم وفق آلية قانونية تشريعية، ونسعى من خلال (إيجار) أن يكون له دور في تنظيم قطاع الإسكان الإيجاري بما يحفظ الحقوق للمستأجر والوسيط العقاري والمالك وفق منظومة خدماته الإلكترونية المتكاملة.
وذكر المهندس البطي أن النظام سيقضي على الكثير من السلبيات الموجودة في سوق العقار، خصوصا فيما يتعلق بالسداد، حيث سيكون لكل مستأجر سجل خاص بالسداد، كما سيخلق منافسة نوعية في قطاع الاستثمار العقاري، كما أنه سيعمل على توفير البيانات والمعلومات الإحصائية التي تساعد في فهم حركة القطاع، مؤكدا أن النظام يوفر للمستأجر سجلا ائتمانيا مرتبطا بسمة، مع ربط عقود الإيجار بنظام (سداد)، بحيث يتمكن المستأجر من السداد عن طريقه، كما يتيح خيارات متنوعة في السداد تشمل السداد الشهري والربع سنوي والسنوي، موضحاً أن إبرام العقد يتيح ربط فواتير الكهرباء باسم المستأجر لحين انتهاء مدة الإيجار، في حين يتم إبرام العقود عن طريق المكاتب العقارية المعتمدة والسارية، منوّهاً إلى أن العمل جارٍ حالياً على تحديد آلية لتنظيم المكاتب العقارية والوسطاء. وأشار مستشار وزير الإسكان إلى أن (إيجار) تم إطلاقه قبل نحو عامين وتم إخضاعه للدراسة تمهيداً لتطبيقه النهائي وإلزام المكاتب العقارية على مستوى المملكة بتفعيله، كاشفاً أن تطبيقه سيكون بداية العام المقبل 1438هـ، وذلك بعد أن يتم رفع نتائجه لمجلس الوزراء، منوها إلى أن العقد الإلكتروني سيكون بمثابة سند تنفيذي في حال أخلّ أحد الأطراف ببنوده، وبالتالي اتخاذ الإجراء القانوني اللازم وفقاً لما ستقرره اللائحة.
من جهته، قال عدد من المتخصصين في الشأن العقاري أن سوق إيجارات الوحدات السكنية قد شهد ارتفاعا متواصلا خلال الفترة الماضية، ووصلت إلى مستويات زادت على 33 في المائة من دخل المواطن، حتى أنه لا يمكن تبريرها إلا بجشع الملاك في ظل غياب قانون العلاقة بين المالك والمستأجر، مما جعل الخلافات تزداد بين الملاك والمستأجرين، في ظل عدم وجود البديل، وغياب الجهات التي يمكن أن تحمي المستأجرين من هذا الزيادات غير المبررة.
من جهته، قال عضو مجلس غرفة الرياض ورئيس اللجنة العقارية حمد الشويعر، إن هناك ارتفاعًا ملحوظًا في الخلافات المالية بين الملاك والمستأجرين زادت قبل خمسة أعوام بحسب التقارير الصادرة من وزارة العدل، وهذا ما جعل وزارة الإسكان تسعى إلى إيجاد مثل هذا البرنامج، مؤكدًا أن نظام (إيجار) عند تطبيقه الفعلي قريبًا سيحل أزمة الخلافات المالية بين الملاك والمستأجرين، ويخفض نسبة التعثر، ويحد من عدم سداد الإيجارات، ويحفظ حقوق المالك والمستأجر، من خلال عقود موثقة بين الطرفين تنظمه المكاتب العقارية بإشراف من وزارة الإسكان، موضحًا أن تطبيق النظام على أرض الواقع سيحل أكثر من 25 في المائة من القضايا المنظورة في المحاكم.
وذكر عضو مجلس غرفة الرياض ورئيس اللجنة العقارية أنه إذا ما طبق نظام (إيجار) بالشكل الجيد سيوفر المعلومات الكافية عن العقارات الشاغرة، مشددا على أن النظام لن يكون له أي علاقة بضبط الأسعار في السوق التي ستظل مرتبطة بالعرض والطلب والمكان، مضيفاً أن (إيجار) سينظم سوق الإيجارات في السعودية بعد ربطه مع شركة (علم) التابعة لوزارة الداخلية. من جانبه، قال فيصل الدخيل، المتخصص في التسويق العقاري: إن تطبيق نظام (إيجار) بداية العام المقبل على أرض الواقع سيوفر وحدات سكنية كثيرة مما يساعد على تخفيض الإيجارات، خاصة أن الكثير ممن لديهم عقارات يعرضونها للبيع أو للإيجار على الشركات، فعندما يتم إيجاد نظام مشجع في الحصول على الإيجارات سنجد الكثير من ملاك العمائر والشقق المعروضة للتمليك يعرضها للإيجار والاستفادة منها، مما يزيد من المعروض ويخفض الإيجارات، خاصة أنها قفزت خلال الفترة الماضية لأكثر من 100 في المائة في الكثير من الإحياء.
وبيّن الدخيل أن هذا التوجه سيجذب الكثير من المستثمرين لسوق العقار وتتراجع أسعار الإيجارات إلى معدل في متناول الجميع، خاصة ذوي الدخل المحدود، مشيرًا إلى أن البت في مشكلات الإيجارات من محكمة التنفيذ، مؤكدا أن من أهم المشكلات التي تواجه الاستثمار في العقار هو عدم وجود نظام يحمي حقوق الملاك في حالة مماطلة المستأجر في دفع الإيجار، وهو ما أدى إلى ركود كبير في العقارات وتجميل مبالغ طائلة نظرا لعزوف المستثمرين عن تأجير عقاراتهم واستثمارها بسبب عدم وفاء المستأجرين بدفع الإيجارات إلى الملاك في أوقاتها المحددة أو إخلائها، الأمر الذي يدفع بهم للتوجه لإدارات الحقوق المدنية والمحاكم لاستخلاص حقوقهم في سلسلة طويلة من المراجعات.