محمد أبا الخيل
أي مجتمع ينمو ويتطور في معيشته وتعايشه يحتاج للمراجعة والتنظيم في أدواته وأجهزته الضابطة لإيقاع الحياة والمنظمة للسلوك العام والحافظة للنظام والحامية لسلامة وأمن المجتمع، وتنظيم الهيئة لم يكن التنظيم الأول لجهاز حكومي فعال ولن يكون الأخير، فالتنظيم سيجعل الهيئة تتموضع في دورها المناسب بحيث تكون عين المجتمع الواعية التي تسند أجهزة الأمن بالمعلومة الموثوقة والصحيحة، والتنظيم أيضاً يتيح لأجهزة الأمن العام ومكافحة المخدرات إسناداً تظافرياً من الهيئة بحيث تثمر جهودهما في مزيد من الضبط والفاعلية في حماية المجتمع من التعديات والفساد الذي بات يحتاج لأجهزة واعية وممكنة بالتقنية والتدريب المستمر.
تنظيم الهيئة بلا شك سيجعل الجهود في حماية المجتمع تتسق وتصبح أكثر فاعلية وأكثر تجاوباً مع متطلبات المجتمع الحالية والمستقبلية، وذلك يقود إلى مزيد من التنظيم في أجهزة أخرى تمارس أدواراً بحاجة إلى التنسيق مع أجهزة الأمن العام لتكون سلطة رجل الأمن سلطة نافذة في كل الشؤون التي تقتضي ممارستها، فكثير من المخالفات التي تقع في الطرق والأسواق من تسيب للعمالة ونشاطات بيع وشراء غير مرخصة ومخالفات لأنظمة التجارة وتجاوز على الأملاك والمرافق العامة والبناء بلا تصريح أو مخالفة إجراءات ومتطلبات السلامة العامة في البناء، كل هذه تحدث لأن المسؤولية الضبطية لها مشتتة بين عدة أجهزة بعضها لا يملك الموارد الكافية أو النوعية لتنفيذ تلك الأدوار بسلامة تامة، وحيث إن رجال الأمن أصبح معظمهم على درجة عالية من التأهيل تجعلهم قادرين على تولي عدة أدوار والتعرف على كثير من المخالفات بحكم تواجدهم الميداني المكثف، وبحكم التنظيم الذي يتيح لهم ممارسة السلطة الضبطية, لذا سيكون من المناسب تنظيم عمل مراقبي البلدية ومراقبي وزارة التجارة والجوازات والصحة بتنظيم مناسب لتنظيم الهيئة، عندها سيكون تمكين الشرطة متسق مع ما هو معمول به في الدول المتقدمة.
تمكين الأمن العام ومكافحة المخدرات من السلطة الضبطية المنفردة للمخالفات والبلاغات سيتطلب جهداً كبيراً من كلا الجهازين، وسيتطلب موارد بشرية وفنية على درجة عالية من الكفاءة والتدريب، وهذا متسق مع خطة وزارة الداخية لتطوير هذه الأجهزة ودعمها بالتوظيف المستمر للخريجين في مستويات تعليمية متقدمة وتمكين أفراد هذه الأجهزة من تقنايات متقدمة وتطبيقات حاسوبية تجعل دائرة التأثير الجغرافي والاجتماعي لرجل الأمن أوسع بكثير مما كانت عليه في الماضي.
وهذا التطور في المنظومة الأمنية هو ما نحتاج له أكثر من أي شيء آخر، فمجتمعنا اليوم أصبح مستهدفاً بالإرهاب من منظمات طامعة ظالمة ومتمكنة من دعم خارجي آثم، ومجتمعنا مستهدف بالإفساد بنشر المخدرات وخصوصاً بين جيل الشباب من قبل عصابات وأنظمة باغية، ومجتمعنا لديه تحديات بنائية في كينونته الاجتماعية فمعظمه من جيل الشباب ولهذه الفئة سلوكيات وتصرفات نشطة تستلزم التقويم عند الحاجة. ومجتمعنا بات أكبر وبات أكثر تمازجاً وتجانساً مع المجتمعات الأخرى مما يولد سلوكيات وممارسات جديدة تستدعي نمطاً جديداً من التعامل الرسمي يعتمد على حفظ الحقوق وحماية المصالح بصورة ميدانية.
في الختام أرجو الله أن يكلل جهود هذه الدولة الواعية الراعية بكل التوفيق والسداد وأن يديم علينا نعمة الإسلام والأمن والرخاء.