من خلال ما تنشره صحيفة الجزيرة من مواضيع حول سلوك أبنائنا، ففي السنوات الأخيرة انتشرت وتنوعت وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير وملفت، وأحياناً يصعب استيعاب سرعة انتشار هذه الوسائل. وهنا أسجلها نقطة إعجاب وتقدير للعقل البشري عندما يبدع، ولكنها بدأت تسحبنا من حياتنا الواقعية، الحياة المحسوسة والملموسة بأحاسيسنا قبل أعيننا، واحتلت الكثير من أوقاتنا واهتماماتنا، فلا نتكلم إلا كتابياً، وإذا أحببنا أن نضيف لكلامنا بعض الأحاسيس والمشاعر أضفنا الوجوه بأنواعها، وإذا أحببنا أن نرى أحدهم يكفي أن نفتح إحدى هذه البرامج لنراهم ونرى تحركاتهم.
لا أنكر أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أداة مهمة بالذات في عصرنا الحالي وفرت الوقت والجهد والمال للمبتعثين في رؤية أهلهم، وفتحت أرزاق الكثير من الناس، وكذلك رجال وسيدات الأعمال لهم النصيب الأوفر من هذه التقنية الساحرة.
لكن هذا ليس مقصد المقال ولا بيت القصيد..!!
ما أزعجني أن أشاهد أبناءنا وبناتنا وطريقة استخدامهم المواقع الاجتماعية لأغراض شخصية بنية مبطنة سيئة سوى من تجريح أو إساءة لإعلاميين ومشايخ ومفكرين أو كل من يخالفهم الرأي والتفكير أو الاستهزاء بهم، أو بث الإشاعات بغرض خبيث في أنفسهم، والأكثر إزعاجاً أن تجد الشاب ينهمك في أن يجذب أكبر عدد ممكن من الفتيات، وأن تجد الفتيات كل همهن كيف يجذبن الشباب، لا فكر ولا فائدة في أطروحاتهم إلا في حدود رغباتهم وأهوائهم.
وأكثر ما يرعبني أن يكون أبناؤنا هم المقصد والهدف المبتغى لأصحاب الفكر الضال من مختلف فئاتهم وهم يرمون بشباكهم لجذب براءتهم عن طريق هذه الوسائل باسم الدين والجنان والشرف وغيرها.
ولأن هذه الوسائل من الصعب مراقبتها بطريقة دقيقة تحمي أبناءنا من أنفسهم قبل الآخرين أو الجماعات، فجزء من الحل أن نفتح مع فلذات أكبادنا أبواب التواصل ولغة التفاهم وإعطائهم الأمان عند الوقوع في الأخطاء ومساندهم في اجتياز هذه الأخطاء، ودعمهم وإفهامهم المفارقات في تقبل المفاهيم المختلفة والنصائح والتجاوب مع الأعراب.
وقبل كل شيء بث في نفوسهم مخافة الله وأنها سبب سعادة الإنسان وأنه عالم بما تخفي نفوسهم، وأن الإنسان كما يضر سيُضر بهِ.
حفظ الله أبناءنا وأبناءكم وبناتنا وبناتكم وجعلهم قرة أعيننا وأعينكم.
نجوى الأحمد - جامعة الأميرة نورة