أحمد بن عبدالرحمن الجبير
جاءت زيارة الملك سلمان - حفظه الله - إلى مصر كزيارة تاريخية، لن يُقدِّر ثمنها ومكانتها إلا القابضون على عروبة ومكانة مصر، والذين تناسوا لغايات ومصالح ذاتية قصيرة، الأبعاد الإستراتيجية لهذه الزيارة، والتي سيكتب عنها التاريخ ذات يوم، ويقيناً أن شعب مصر العربي واعٍ لأبعاد العلاقة بين السعودية ومصر، في ظل الظروف الاستثنائية، وجعلت المملكة تقف بكل ما تملك إلى جانب جمهورية مصر العربية.
وللأسف نقولها بأن بعضاً منهم من المصريين أنفسهم، وبعض الدول الإقليمية التي تتربص بمصر، وتشحن المصريين، ليس في صالحهم، وظناً منهم أن الحرية تجلب النظام، ولو كانت كذلك، لكان العراق مزهراً بدلاً من الدمار، ولكانت سوريا مهد الحرية والديمقراطية، وحقوق الإنسان تصدر شعبها إلى الخارج، وتبقي على الميليشيات والقتلة، ومجاهدين ضحوا بأنفسهم من أجل وطنهم.
الزيارة التاريخية للملك سلمان - أيده الله - إلى مصر كانت زيارة إلى بلده الثاني، ولا يعرف قيمة ومكانة مصر مثل السعوديين، فثمة تاريخ وعلاقة مشتركة، ستوثق عراها بعد جسر الملك سلمان الإستراتيجي الرابط ما بين المشرق، والمغرب العربي، حيث وقّعت خلال الزيارة اتفاقيات بقيمة تجاوزت 23 مليار دولار، مما يؤكد على أن هذه الشراكة مستدامة بين الرياض والقاهرة، وأنها أسست من أجل الخير والأمن للبلدين.
لقد أرسلت هذه الزيارة رسالة واضحة للعالم أجمع بأن السعودية، ومصر يدٌ واحدة ضد الإرهاب والتطرف، وأن السعودية لن تتخلى عن دعم مصر، والدول العربية، والإسلامية في جميع المجالات السياسية، والأمنية، والاقتصادية، حيث ساهمت زيارة الملك سلمان لمصر في تعزيز الاقتصاد المصري، ودعم الجيش والمؤسسات الأمنية، ودعم المواطن المصري.
لقد ركزت الزيارة على 3 محاور، وهي: الاستثمار في قناة السويس بـ4 مليارات دولار، وتمويل احتياجات النفط بقيمة 20 مليار دولار على مدى خمس سنوات، إضافة إلى تطوير منطقة سيناء بقيمة 1.5 مليار دولار، ومنع الازدواج الضريبي، والاستثمار في المشاريع السلمية للطاقة النووية والكهرباء والإسكان والتعليم والصحة، والنقل البحري، وعدد من المشاريع الأخرى التي يساهم في تمويلها البنك الإسلامي للتنمية بتمويل يقدر بـ 2.3 مليار دولار في قطاعات التجارة، والكهرباء والزراعة والمياه.
وتم خلال الزيارة الاتفاق على تأسيس شركات مشتركة، ومناطق حرة واقتصادية في قناة السويس وتطوير منطقة سيناء وتوقيع 24 اتفاقية و20 فرصة استثمارية بـ 60 مليار ريال، ومشروعات إسكان بـ120 مليون دولار، ومحطات كهرباء بـ100 مليون دولار، وجامعة بـ 250 مليون دولار وتطوير مستشفى القصر العيني بـ120 مليون دولار، وإيداع 16.5 مليار دولار في البنك المصري، لدعم سوق الصرف، بالإضافة للوديعة السابقة والتي تقدر بـ ملياري دولار.
وأيضاً هناك أكثر من مليار دولار قروض من الصندوق السعودي للتنمية، كما أن جسر الملك سلمان سيحدث ثورة اقتصادية، تعود على الاقتصاد السعودي، والمصري بالكثير من الاستثمارات وخلق مئات الآلاف من الوظائف لمواطني البلدين، والذي سيساعد على حل مشكلة البطالة وتأسيس ركائز اقتصادية عملاقة للسعودية ومصر، وسيكون الجسر نقلة جبارة نحو أوربا، وأفريقيا، ونقطة التقاء لثلاث قارات، والذي سوف يعزز برامج التحول الاقتصادي للموارد غير النفطية للرياض والقاهرة.
إن جسر الملك سلمان، سيُشكِّل دعمًا كبيراً للاقتصاد السعودي والمصري، وزيادة حركة التجارة بين السعودية ومصر، بشكل يفوق السنوات الماضية، حيث كان حجم التجارة بين السعودية ومصر في عام 2015م يصل إلى ما قيمته 6 مليارات دولار مقابل 5 مليارات دولار في عام 2013م، كما بلغت الاستثمارات السعودية في مصر نحو 6 مليارات دولار في أكثر من 3400 مشروع استثماري.
لقد حققت زيارة الملك سلمان - أعزه الله - توجه الدولة السعودية نحو مصر باعتباره خياراً إستراتيجياً يفرض نفسه بالقوة في المنطقة في ظل الأوضاع العربية المتدهورة، وأكد الملك سلمان قدرة السعوديين على مساعدة مصر سياسياً، واقتصادياً بإقامة شراكات اقتصادية تعود بالنفع على البلدين، من خلال استثمارات سعودية بمليارات الدولارات للشعب المصري، لأن السعودية ومصر هما الدولتان القادرتان على فرض الأمن العربي بعد انهيار العراق وسوريا والفوضى اليمنية وهيمنة حزب الله على لبنان، والتدخلات الإيرانية في المنطقة.