أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمـن تُوِفِّيَ الدكتورُ عبدالله بن صالح آل عُثَيمِين رحمه الله تعالى ليلة الموافق 12-13-7-1437هـ، وَصُلِّي عليه بعد صلاة العصر في 13-7-1437هـ؛ وهو رحمه تعالى مِن أُسْرَةِ عِلْمِيَّة؛ ومع أنه كان عِصامِيّْاً في نفسِه نال مؤهِّلَه العلميَّ الدكتوراه؛ ثمَّ الأستاذِيَّةَ؛ أ.د منذ 1932م؛ ومَعَ أنَّ في تأليفاته ومقالاته بركةً. فقد أَنْتَجَ ضِعْفَ ذلك مِن التلاميذِ المنتفِعِيْنَ بعلمه.. وقلتُ. (إنه من أُسْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ ولا سيما شقيقُه المجتهدُ الشيخ محمدٌّ رحمه الله تعالى، ولا ريبَ أنه أفاد منه كثيراً في أمور دِينه التي قد لا يُحيط بها إلا مُتَخَصِّصٌ فيها كأنْ يَعِيَ منه ما يُناجي به ربَّه في السَّرَّاء والضَّرَّاءِ، وفي صلواته.. وَأَرْجُو اللهَ جَلَّتْ قدرتُه. أنْ يكونَ الدكتور عبدالله صابراً مُحْتَسِباً فيما عاناه من آلام، وأنْ يكون أَحْسَنَ المناجاةَ لربِّه بين إحسانِ الظَّنِ بربِّه حال الضَّعْفِ اِمْتِثالاً لقوله سبحانه وتعالى. {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (53 سورة الزمر)، وبين الخوفِ واْلوَجَلِ من لقاء ربه حال النشاط؛ ليسارِع إلى فِعْلِ الخيرات.. وأسأل الله لي وله ولوالِدِينا ووالدِي والدِينا، وَلِمَنْ له حَقٌّ علينا أو على والِدينا، ولِمَن أحسن إلينا أو إلى والِدينا، ولأهلنا وذريتنا وأقارِبنا وحَشَمِنا وخدمِنا، ولجميع إخواننا الْمُسلمين. أنْ تكون قبورُنا روضاتٍ من روضات الجنة إذا وُسِّدنا في قبورِنا، وأن يتجاوز عَمَّا سلف من قبائح أعمالنا، وأنْ يبارك لنا في حسناتِنا، وأنْ يُضاعِفَها، وأنْ يُثَقِّل بها موازيننا؛ لتكون أُنْساً لنا في حياة البرزخ.. وأسأل الله لي وللغافلين أو الحائرين أنْ يُوْقظ قلوبنا بعد الغفلة، وأنْ يهدينا بعد الحيرة.
قال أبو عبدالرحمن. وعلى الرُّغْمِ من أنَّ مُؤلَّفاتِه وتحقيقاته ومقالاتِه عن التاريخ ولاسيما التاريخُ الْمَحلُّي. إلا أنَّه مَعْنِيٌّ في الدَّرَجَةِ الأولى بتحقيق مذهب الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى، وأنه هو مذهب الصاحبة رضي الله عنهم الذين اتبعوا رسول الله بإحسان، وتابعيهم بإحسانٍ، وَأَئِمَّة المذاهب الفقهية بعدهم كمالكٍ والشافعي وأحمد، فالسُّفبانِيَّيْنِ، فابن جرير.. إلخ.. إلخ.. بيد أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى مَنَّ على ابن عبدالوهاب بعقلٍ لاقط أحْسَنَ به الاستنباطَ من نصوصِ الشرعِ الْمُطَهِّرِ، وآتاهُ سَعَةً ودِقَّةً في الاسْتنباط؛ فعامَلَه الله على نِيَّته؛ فكتب لاستنباطاته ومؤلفاتــــه الخلودَ، وأقام لنشرها والدعوةِ إلى الحقِ من خلالها ملوكُ آل سعود، وشَرَّفَهم بخدمَةِ الحرمين الشريفين وحمايَتِهِ من أوْضارِ أمثالِ النصيرية ومجوسِ إيران، وسدنتِهم حزبِ الشيطان في لبنان، وغلاةِ الصُّوْفِيَّةِ ولا سيما الاتِّحادِيُّون والحُلُوْلِيُّون، وشَرَّف جهودَ ابن عبدالوهاب وحماتَه من ملوكِ آل سعود (رحمهم الله جميعاً، ووفقنا، ووفَّق أحياءهم وخالِفيهم إلى العملِ والجهاد للعملِ بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم).. وَمَنَّ الله على هذه البلاد بأنْ كانت مركزاً للمسلمين مادِيّْاً ودَعَوِياً وجهادياً وتعليمياً.
قال أبو عبدالرحمن. لقي الدكتور عبدالله العثيمين ربَّه، وقَدَّمَ كلَّ ما يقدر عليه من تعليمٍ وتأليفٍ وتحقيق نافعٍ؛ فذلك واجبه الذي أدَّاه، وبقي واجبُنا نحوه مع الدعاء له، وأوَّلُ واجب سيكون على مركز الملك فيصل الخير قدس الله روحه ونوَّر ضريحه، وقد أمضى العثيمين ثلاثين عاماً في القيام بكثيرٍ مِن أعباءِ التحضير لجائزة الملك فيصل العالَمِيَّةِ؛ وذلك الواجبُ. أنْ يكونَ له عَقارٌ مُسَبَّلُ الْمَنْفعَةِ مُحَبَّسُ الأصلِ.. أي عَمَلاً جارياً يُؤْنِسُه في قبرِه، ويقوم بإعانة أهله وذريته بعد الله.
قال أبو عبدالرحمن. أدركت تكريم الدكتور العثيمين في عنيزة من قبل مهرجان عنيزة الخامس للثقافة الذي ينظمه مركز صالح بن صالح الاجتماعي، ومركز الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الفيصل الاجتماعي في عنيزة.. جزاهم الله خيراً، ولم يَحْضَرْ هو؛ لِما أقعده من مرض؛ فتحدَّث الدكتور محمد بن عبدالرحمن الهدلق، والأستاذ حمد القاضي، وغيرهُما فأحسنوا وأجادوا، وحملَّوهُم استلامَ التكريم الرمزي؛ وهو الدِّرْعُ، ولكن التكريم النافِع الباقي ما أسلفته.. وللدكتور ميزة بخلافِ ما أنا عليه مِن مُشَاغَبَةٍ؛ فهو قَلَّما جارَى وبارَى مَنْ يَرُدُّ عليه، بل يبيِّن برِفْق، ثم يرتَفِعُ عن المهاترة.. اللهم اغفر لنا وله ولكم، ونحن على الأثرِ؛ فنسأل الله الثبات حتى الممات، والله المستعان.
- غفر الله له، ولوالديه، ولجميع إخوانه المسلمين -