جاسر عبدالعزيز الجاسر
ليس غريباً أن تكون الرياض هذا الأسبوع هدفاً لتتبع الكثير من المحللين ومراكز البحث الجيوستراتيجي وكبار الصحفيين من مختلف العالم، وطبعاً بالإضافة إلى الدوائر السياسية والاقتصادية في مختلف الدول.
فالرياض احتضنت ثلاث قمم مهمة جمعت ثمانية قادة من أهم الدول فبالإضافة إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي يعد الرقم الأول في تصنيف قادة العالم كونه يرأس أهم وأقوى دولة عسكرية، واقتصادية، وسياسية، ووجوده في الرياض إضافة إلى ملك المغرب الملك محمد السادس والتقائهما بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وقادة دول الخليج الخمسة الآخرين يجعل قضايا المنطقة العربية من شمال أفريقيا إلى إقليم الخليج العربي، وملفات فلسطين، وسوريا، وليبيا، والعراق، ومصر حاضرة على طاولة مباحثات القمم الثلاث.
والذي يجعل هذه المباحثات ويعزز أهمية عقد القمم الثلاث البعد المكاني والزماني، فالرياض التي تحتل مكان الصدارة والريادة لقيادة العمل العربي، والتي تسير على نهج أطلق عليه المتابعون والمهتمون بالشؤون الاستراتيجية «مبدأ سلمان» والذي يرتكز على الحزم والعزم، عظم الثقل السياسي والإستراتيجي ليتنامى ذلك مع الثقل الاقتصادي مما جعل المملكة العربية السعودية إحدى مراكز صنع وصياغة القرار الدولي وليس الإقليمي، وكون المرحلة الراهنة زاخرة بالعديد من الأزمات التي تبحث عن قيادة غير مرتعشة وحازمة، فإن دول المنطقة وجدت ذلك وبأريحية في القيادة المتفردة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهذا ما ظهر جلياً من أقوال وتأكيدات الرئيس أوباما، والملك محمد السادس وكلاهما يقودان دولتين لهما تأثيرهما وثقلهما الدولي والإقليمي، وانضمام واشنطن والرباط إلى دول الخليج العربية لا بد وأن يعزز ويدعم التحرك الخليجي الذي ارتأى العرب جميعاً وأغلب الدول الإسلامية تسليمهم قيادة قاطرة التحرك العربي والإسلامي، وقد أظهرت زيارة الرئيس أوباما أن الخلافات التي كانت بين واشنطن ودول المنطقة وخاصة فيما يتعلق بصدد النشاط الخبيث لنظام ملالي إيران في المنطقة العربية، خلافات تكتيكية وليست إستراتيجية، إذ أوضحت الاجتماعات التي عقدها القادة الخليجيون مع الرئيس أوباما والفريق العالي المستوى الذي رافقه، وكذلك اجتماعات وزراء الدفاع مع نظيرهم الأمريكي أن الأمريكين كما الخليجيين واعون جيداً للحرب غير التقليدية التي تقودها إيران باتجاه المنطقة العربية وبالذات تجاه دول الخليج العربية، وقد تم وضع الخطط الكفيلة لإحباط مخططات إيران وحلفائها في المنطقة.
وفيما يتعلق بالعلاقات مع أمريكا بدأت المملكة العربية السعودية بالذات في وضع تصور جديد للتحرك سياسياً وإعلامياً داخل الولايات المتحدة لمواجهة اللوبيات المعادية للعرب بما فيها المساندة لنظام ملالي إيران والكيان الإسرائيلي لتنقية ومواجهة الشوائب التي تثار لتشويه العلاقات السعودية الأمريكية وذلك من خلال تعزيز العلاقات مع الكونجرس الأمريكي ورجالاته، الانفتاح على الإعلام الأمريكي بتحرك نشط يؤسس لحضور قوي للصوت السعودي.