يوسف المحيميد
لا يختلف أحد على أن أكثر ما تعاني منه دول العالم، وخاصة مع الأزمات الاقتصادية الضاغطة، كالأزمة العالمية الأخيرة، عام 2008، هو تقشف الشركات والمؤسسات في مصروفاتها، بما في ذلك الاستغناء عن موظفيها، وتزايد معدلات البطالة، لأن ثمة علاقة طردية دائمة بين ارتفاع معدل البطالة في دولة ما، وبين ارتفاع معدل الجريمة، وانتشار المخدرات، وبالتالي عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي في تلك الدولة.
في الوقت ذاته، تبحث الدول عن كل الحلول الممكنة، لخفض معدل البطالة، بحثا عن الاستقرار، واستمرار النمو الاقتصادي، ولعل أكثر ما يواجهنا في ارتفاع معدل البطالة العام، بالنسبة للجنسين معًا، هو تضاؤل فرص عمل المرأة، مما يجعل ابتكار الحلول التي تمنح المرأة السعودية مزيدًا من الفرص، هو الطريق الأمثل لانخفاض هذا المعدل، خاصة مع توفير بيئة عمل جيدة، وشروط كافية لجعلها تعمل في مكان مريح وآمن، خاصة مع النشاط المتزايد من البيع عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، ودعم منظومة الأسر المنتجة ضمن دعم المؤسسات الصغيرة في القطاع الخاص.
هذه الأسر المنتجة، ما زالت موضوعا مهما، وداعما جيدًا للاقتصاد الوطني، خاصة عند التفكير بجدية بنشاطاتها ومنتجاتها المتميزة، فمن بين الخطوات الجيدة التي قامت بها وزارة الشؤون الاجتماعية أن قامت بنشر نص المشروع التنظيمي لعمل الأسر المنتجة في مسودته الأخيرة، وذلك على موقعها الالكتروني، بهدف مناقشته من قبل الجميع، والبحث عن منافذ بيع مناسبة لتعزيز بيع منتجات هذه الأسر، ولكي تخصص وزارة الشؤون البلدية والقروية أراضي في المدن لتسويق منتجات الأسر.
ويسعى هذا المشروع إلى تخصيص مواقع مناسبة في الأماكن العامة التي تشهد تجمعات بشرية، كالحدائق العامة، وممرات المشاة، والأسواق، والشواطئ، والساحات الموسمية والميادين وغيرها، وهي أماكن مهمة لتخصيص أكشاك صغيرة مجانية آو بأسعار رمزية، لبيع منتجات الأسر المنتجة فيها، وربما امتداد نشاط هذه الأسر حتى لمدارس التعليم العام، وذلك في المقاصف المدرسية، يمنحها قطاعا تجاريا واسعا، وبيئة عمل آمنة ومريحة.
إن مثل هذا النظام الذي يهدف إلى توسيع مشاركة المرأة، وذوي الاحتياجات الخاصة، والعاطلين عن العمل، في التنمية الاقتصادية في البلاد، وتحويل الأسر المستهلكة إلى أسر منتجة، يعني السير بشكل صحيح تجاه تحويل مجتمع عُرف عنه لكونه مجتمعا مستهلكا بامتياز، إلى أن يصبح مجتمعا منتجا، أسوة بكثير من المجتمعات في العالم.
كما أن تنظيم وزارة التجارة للبيع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو ما يسمى التجارة الإلكترونية، بهدف تعزيز الثقة بمثل هذا البيع وسلامته، وحماية المستهلك من الغش، هو أمر يمنح مثل هذه الأسر التي تبيع إلكترونيا مكانة موثوقة لدى المستهلك، فتكامل العمل المؤسساتي لتنظيم ودعم هذه الأسر المنتجة سيحقق نتائج مهمة على مستوى التنمية الاقتصادية من جهة، وخفض معدل البطالة من جهة أخرى.