سام الغُباري
- نحن نقاوم الموت، هذه حكايتنا في «اليمن»، قد لا يعرف كل العالم ما نحن فيه وعليه.
وما يجب أن يسمعه الجميع أن هذه ليست المرة الأولى التي ترفع فيها عصابة تدعي الحق الإلهي سيف مقصلتها لتقتل اليمنيين متكئة على وهم وخرافة قديمة تقول: إن علينا إنفاق أموالنا وتقديم عيالنا خُداماً لعبودية ظالمة خرجت من رحم الجاهلية كسهم استقر في ظهر الدين الإسلامي قبل ألف سنة من الآن.
- الخرافة التي يحملها الحوثيون ليست جديدة، لقد هزموا اليمنيين واستعبدوهم في فترات متفاوتة من الزمن منذ الدولة الزيدية الأولى والثانية، غير أننا ما نلبث بالثورة عليهم واستعادة حكومتنا ووطننا وشعبنا الفلاح الطيب.
- يقول الحوثيون أيضاً إن بحوزتهم ورقة مقدسة متوارثة عن جدهم المقدس تخولهم الاستغراق في ظلمنا إلى ما لا نهاية، واختطاف سلطتنا، ومشاركتنا حقولنا ومزارعنا، واقتسام غنائمنا وأرزاقنا، واستعباد أولادنا، واحتكار التعليم والوظائف في سلالتهم الذهبية، وهم قوم سلاليون بلا مؤهلات جامعية، يستخدمون السلاح للسطو على وظائفنا وسلبنا قرارنا ودولتنا ونظامنا، ولهذا يجب أن يقف العالم كله معنا، كما تقف دول الخليج العربي بكل صلابة لاستعادة حقنا المنهوب، وحقوقنا الأساسية في الحياة والحرية.
- هذه المبادئ والمُثل التي ارتكز عليها الناموس السماوي، تنحاز بكل بساطة إلى مطالبنا المشروعة المتمثلة في السلام والعيش المشترك بمظلة دستور واحد وثابت، هذا كل ما نريده، ونناشد كل مخلوق في هذا العالم الوقوف معنا، وإنهاء حالة التردي والضياع والتشرد التي يعيشها اليمنيون بسبب ثُلة من المجرمين عديمي الرحمة.
- يحدث أن صنعاء، مدينة الحب والموسيقى تنوء بحِمل تسعة آلاف مختطف قسرياً في سجون الحوثيين التي كانت مؤسسات دولة ومراكز للرياضة والترفيه، حولها الانقلابيون إلى معتقلات رهيبة لسلخ المواطنين اليمنيين.
- خلال مشاورات الكويت، قتل الحوثيون أكثر من عشرين مواطنا في مناطق التماس، أحدهم شاب يعمل في لجان مراقبة وقف إطلاق النار، كان طفله يبكي على جثته التي تحجرت في صحراء مأرب، وفي الداخل تمارس كتائب الاغتيال الإيرانية حصادها المُر للنخب السياسية والوطنية، قبل أيام قُتل سياسي بارز في محافظة ذمار (جنوب صنعاء) عقب خروجه من مسجد الحي القريب من منزله، برصاص حوثيين كانوا يركبون دراجة نارية فروا إلى نقطة التفتيش الخاصة بهم، وهناك اختفت آثارهم.
- لقد وقف الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح مع بربرية الغزو العراقي للكويت الشقيق، تنكّر لكل ما قدمته الكويت لشعبه ونظامه، وغرس طعنة نجلاء في خاصرة شعب ووطن وأسرة اعتبرت أنها يمنية بامتياز، لكن فكرة الهمجية التي يحملها صالح، هي ذاتها التي دعته لتبرير غزو «صدام حسين»، وهي أيضاً الفكرة التي دعته لدعم ومناصرة الحوثيين الهمجيين للسيطرة على مناطق اليمن، وتفجير منازل الأبرياء وقتل الآلاف تحت لافتة الحق الإلهي المزعوم الذي تدعمه إيران وتحاول من خلاله السيطرة على الشعوب والحكومات العربية عبر الأقليات المسلحة المرتبطة بها مذهبياً.
- نحن نشعر أن بلدنا مُستعمر، وأن أتباع صالح الهمجي ومعه ميليشيات الحوثيين يحتل مُدننا، ويغوّر آبارنا، ويُحرق نفطنا، ويسطو على منازلنا ويُفجرها، يسحقنا تحت أقدام مجنزراته الرهيبة، وفي الوقت عينه يرتفع تطرف آخر في مكان بعيد عن العاصمة صنعاء، إنهم رجال تنظيم داعش الإرهابي - الوجه الآخر للحوثيين -الذين يحاولون كسب معركة السيطرة في بعض مناطق جنوب اليمن، بدعم إيراني خفي ومُعلن، واليوم تستعيد الحكومة الشرعية مدينة المكلا عاصمة حضرموت الطيبة وتطرد الإرهابيين، ما أثار حفيظة الحوثيين الذين زعموا أن الحكومة تخرق وقف إطلاق النار، وهي العصابة التي مارست منذ بدأت مشاورات الكويت أكثر من أربعمائة اختراق عسكري في مناطق التماس - بحسب ما أورده تقريرلجنة التهدئة الصادر عن الأمم المتحدة -.
- انتخب اليمنيون الرئيس «عبدربه منصور هادي» في بداية العام 2012م، وكما تقول المأثورة القديمة إن البيض الفاسد يدحرج على بعضه، فقد التقى البعضان البغيضان «صالح والحوثي» من أجل القضاء على آخر مسمار في نعش التعددية السياسية، وقاموا بانقلاب مخيف على اليمنيين، واستخدموا كل وسائلهم الحربية القتالية لإخضاع الشعب الفقير، وتدمير النسيج الاجتماعي، ونهبه وإدارة حربه بطريقة السوق السوداء المربحة.
- هذه رسالتنا إلى الكويت، ومنها إلى العالم، إنه عام الحزن، وقد أثقل كواهلنا جميعاً، ويجب أن نُنهي سوياً هذه المأساة الغاضبة، ونستعيد دولتنا حُباً في الجمهورية والسلام والتعايش المشترك، فمن يُقنع المتمردين أننا نُحقق سلطة الحق التي تحميهم وتحمينا.
.. وإلى لقاء يتجدد.