الجزيرة - واس:
دعا المنتدى السعودي - الأمريكي للرعاية الصحية في ختام جلساته أمس بالرياض إلى ضرورة توسيع قاعدة التأمين الطبي في المملكة ليشمل جميع السعوديين بعد أن بات إلزامياً على المقيمين، وكشف عن ارتفاع الفاتورة السنوية إلى 21.1 مليار ريال بنسبة نمو تصل إلى 19%، وسط توقعات بأن يسهم ذلك بشكل إيجابي على النمو الاقتصادي ويزيد من حالة الاستقرار التي تدعم برنامج التحول الوطني القائم على تنويع مصادر الدخل.
وتطرقت جلسات المنتدى الذي استمر خمسة أيام برعاية صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، إلى أهم وأبرز القضايا الصحية، وتناولت الجلسات العلمية قضية الكشف المبكر على حديثي الولادة بعد أن تصدرت السعودية دول العالم في الزواج المبكر، وقضية التأمين الطبي، وصولاً إلى أهمية الصحة المدرسية والمشاريع الصحية المشتركة بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، وتصدر الحدث الصحي الأكبر في منطقة الشرق الأوسط إلى مجموعة كبيرة من التحديات التي تواجه الصحة في السعودية بمشاركة 80 خبيراً، وحضور أكثر من ألف أكاديمي وخبير ومختص من مختلف القطاعات الصحية بفندق الرتز كارلتون.
وحث المشاركون في جلسة «هل يجب أن تطبق السعودية التأمين الطبي» والتي أدارها الدكتور سامي الحبيب إلى ضرورة أن يكون التأمين إجبارياً على المواطنين على غرار الأجانب، ولفتوا النظر إلى أن السعودية نفذت في الأعوام الماضية مسألة التأمين الأجانب على المقيمين مما أسهم في تعزيز قدرات القطاع الصحي الخاص، ويتوقع أن يجري تطبيق ذلك على المواطنين في الفترة المقبلة مما سيسهم في زيادة الطلب على خدمات الرعاية الصحية.
وتوقع عضو مجلس الشورى الدكتور عدنان البار أن يشهد قطاع التأمين بالسعودية نموًا كبيراً بعد أن وصلت الفاتورة خلال العام الماضي 2015م إلى 21.1 مليار ريال، بمعدل نمو سنوي وصل إلى 19%، وقال: يركز قطاع الرعاية الصحية على توفير الخدمات للجميع مع توفير مرافق متخصصة في بعض المستشفيات الخاصة والعامة في ظل نمو سكاني يصل إلى 2.2% مما يدفع القائمين على صناعة القرار في وزارة الصحة إلى ضرورة مواكبة هذه الزيادة.
وأكد مدير التأمين الطبي شركة سلامة للتأمين التعاوني الدكتور علاء الدين فؤاد الحربي ضرورة توسيع نطاق التأمين الصحي ليشمل جميع السعوديين بعد أن بات إجبارياً على الأجانب، وأشار إلى أهمية وجود رقابة صارمة من قبل وزارة الصحة مع توفير الموارد البشرية والمادية لخدمة المواطنين، مؤكداً أن التأمين الصحي سيكون له اثر إيجابي على النمو الاقتصادي في المملكة والتخفيف من الاعتماد على النفط، وأيضا توزيع مصادر الدخل مما يساعد على الاستقرار الاقتصادي ونموه.
وكشف عن دارسة أجريت مؤخراً تؤكد أن أغلبية المجتمع السعودي وعائلاتهم لا يملكون تأميناً صحيًا، وهو الأمر الذي يؤدي إلى معاناة هذه الشريحة بسبب تكاليف العلاج الباهظة، ولاسيما أن نصف من لا يملكون التأمين يلجأون إلى القطاع الخاص لتخفيف الضغط على القطاع الحكومي.
وشارك في النقاشات الساخنة التي شهدتها الجلسة الدكتور محمد المسعود من شركة سلاة للتأمين السعودية، وأحمد عامر من المتحدة العالمية للرعاية الصحية، ولؤي ناظر من شركة بوبا، والدكتورة سنية حمكا من شركة ايتنا بالولايات المتحدة الأمريكية.
وطالب المشاركون إلى ضرورة الفحص الطبي المبكر للمواليد لتجنب الكثير من الأمراض الناتجة عن زواج الأقارب، وناقشت الجلسة العلمية السابعة التي ترأسها الدكتور مارك بيتي من مركز التحكم والوقاية بالولايات المتحدة الأمريكية «أهمية برنامج الفحص الوطني للمواليد والهدف من التغطية الشاملة» بمشاركة الدكتور يزيد الشيخ من جامعة الملك سعود، الدكتورة هناء بنجر نت نرمو الأبحاث بمستشفى الملك فيصل التخصصي، البروفيسور محسن الحازمي عضو مجلس الشورى، والبروفيسور زهير الحسن من وزارة الصحة ولفت الدكتور يزيد بن عبد الملك آل الشيخ استشاري علوم الوراثة الطبية والمشرف على كرسي أبحاث الوراثة الطبية والجزيئية بجامعة الملك سعود إلى أن السعودية تتصدر دول العالم في معدلات زواجات الأقارب مما أدى إلى حالة من ازدياد المواليد المتأثرين بالأمراض المتنحية والتي يكون فيها كلا الأبوين حاملين أو مصابين بهذه الأمراض، مما يشير إلى احتمالية نقل المرض للأطفال، وتأتي أهمية الفحص المبكر لحديثي الولادة لأن كثيرا من هذه الأمراض يمكن تداركها أو تخفيف وطأتها إذا تم اكتشافها في الساعات أو الأيام الأولى بعد الولادة، وقد يكون ذلك بتغير بسيط في تركيبة الحليب لدى الطفل المصاب يقيه بإذن الله من أعراض هذا المرض.
وأشار إلى أن أمراض الأيض الوراثية أهم وأخطر مجموعة من الأمراض على حديثي الولادة وهي مجموعة كبيرة من الأمراض تصل إلى ألف مرض، ويوجد بالسعودية برنامج مسحي لفحص عدد من هذه الأمراض التي يعتقد أنها الأكثر شيوعا، ومن هذا المنطلق خصص المنتدى السعودي الأمريكي للرعاية الصحية فقرة خاصة لمناقشة آخر المستجدات في تقنية الكشف المبكر والعلاجات الحديثة وما يمكن تحسينه وتطويره لهذا البرنامج وفقا للمعطيات المتجددة والمتسارعة.
واعترف المشاركون أن فحص حديثي الولادة يتطور ببطء في المنطقة العربية ويواجه العديد من التحديات فيما يتعلق التحتية بل والتحديات اللوجستية والأخلاقية، والتي تشمل التخطيط والدعم والتعليم والابتكار وعملية وضع السياسات والتقييم والاستدامة، علاوة على التحديات الجغرافية نظراً لبعد المسافة بين المدن، وشددوا على ضرورة أن تكون مصلحة الإحصاء ذات طابع مؤسسي ومستمر في نظم الصحة العامة.
وناقش المنتدى أهمية «الحد من السمنة والتدخين وارتفاع ضغط الدم لتعزيز الصحة العامة وخفض تكلفة الرعاية الصحية» خلال الجلسة التي أدراتها الدكتورة لبنة الأنصاري عضو مجلس الشورى وأستاذة طب الأسرة، بمشاركة الأمين العام لمجلس الصحة في مجلس التعاون الخليجي البروفيسور توفيق خوجة، والدكتور علي موكداد أستاذ الصحة العالمية بجامعة واشنطن، والدكتور قابي هنا من جامعة دوك الأمريكية، والبروفيسور عاصم فدا الأستاذ بجامعة الملك سعود، والدكتورة ابتسام بخش من جامعة الأميرة نورة. ووفقاً للدكتور علي موكداد فإن الأمراض المزمنة تعتبر السبب الرئيس للوفاة والعجز في العالم وكذلك الأكثر تكلفة تقريبًا، وواحد من بين كل شخصين في الولايات المتحدة مصاب بأحد هذه الأمراض المزمنة مثل مرض القلب والأوعية الدموية والسرطان ومرض الانسداد الرئوي والربو والسكري والتهاب المفاصل، حيث يصل عددهم إلى حوالي 107 ملايين شخص، وسبعة من أصل عشر وفيات في الولايات المتحدة سببها الأمراض المزمنة.
ولفت الانتباه إلى أن الوقاية من الأمراض بشكل فعال تتمثل في العوامل البيئية والسلوكيات الصحية والحد من المخاطر المترتبة على قلة النشاط والتدخين وسوء التغذية وكلها أسباب رئيسية للأمراض المزمنة.
وأدار الدكتور براين نيكرسون من الولايات المتحدة الأمريكية جلسة عن تلبية الاحتياجات التدريبية للقوى العاملة بالصحة في السعودية، بمشاركة البروفيسورة سلوى الهزاع عضو مجلس الشورى، والبروفيسور محمد المعمري من جامعة الملك سعود، وديبورا قرين نائبة رئيس من الولايات المتحدة الأمريكية،ومدير مستشفى الملك عبد الله بجامعة الأميرة نورة الدكتور أحمد أبو عباة.
وشددت الدكتورة سلوى الهزاع على أن بناء قوة عاملة سعودية لاتزال أهم التحديات الإقليمية وكذلك صعوبة الوصول الى مهنيين مدربين، وقالت: إن التخطيط لنظام الرعاية الصحية بدأ من عام 1971 بوضع خطط صحية خمسية، وبناءً على ذلك تم بناء العديد من المراكز الطبية والمستشفيات، وفي العقدين الماضيين لاحظنا زيادة في المعروض من العاملين بالرعاية الصحية، ولكن عدد المختصين والمؤهلين لايزال أقل وذلك على مستوى العالم، وتسعى المملكة إلى توفير قوى عاملة مستدامة ومدربة وهذا امر بالغ الأهمية. وعد مدير الخدمات المساندة في مستشفى ومركز الدارة الطبي بشار العثماني أن المنتدى فرصة طيبة لعقد شراكات استراتيجية مع الشركات العالمية في القطاع الصحي، مبينًا ان الكثير من الشركات أبرمت بين البلدين وهناك تشابه كبير في النظام الصحي بين المملكة وأمريكا، وجار إنشاء مستشفى جديد يتوقع افتتاحها في سبتمبر 2016م تجسيداً لهذه الشراكة، تتضمن 107 أسرة و192 عيادة على مساحة 100 ألف م2، بتكلفة 600 مليون ريال، حيث أكدت الدراسات حاجة السوق السعودي إلى ضخ استثمارات جديدة في شريان الاقتصاد الوطني خلال المرحلة القادمة تفاعلاً مع برنامج التحول الوطني.
في حين دعت جلسة «تطوير مسئولية الرعاية الصحية في المدارس الحكومية والخاصة» التي أدارها هشام الخشان من وزارة الصحة بمشاركة الدكتور سكوت مكناب والدكتور لويد كولبي من أمريكا والدكتور سليمان الشهري من وزارة الصحة إلى أهمية تحسين الصحة المدرسية التي تشمل مجموعة واسعة من الفئات، ولا تقتصر فقط على التثقيف الصحي والنشاط البدني والبيئة الغذائية والخدمات الصحية والمادية والمشاركة الأسرية والمجتمعية، وقال الشهري: مع ارتفاع معدلات الأمراض غير المعدية في السعودية، أصبح هناك حاجة لزيادة الوعي من التدابير الوقائية المبكرة على هذا النحو قيادة المدرسة والإداريين والمعلمين والأسر لديها مسئولية لتطوير المواقف والسلوكيات المرتبطة بالصحة بشكل ايجابي.
وركزت الجلسة الأخيرة على «أساسيات البحث الصحي: من النظرية للتطبيق» وأدارها مدير لجنة الاعلام والوعي بالبنوك السعودية طلعت حافظ، بمشاركة الدكتور انس خان والبروفيسور أحمد باهمام من جامعة الملك سعود، وعبد العالي هودي من مركز الملك عبدالله الدولي للأبحاث، والدكتور هشام حمودة ومنير بيق من الولايات المتحدة الأمريكية، وناقشت الجلسة عملية الابتكار وريادة الأعمال وقانون براءة الاختراع وقوى السوق التي تؤثر على عملية الابتكار بالرعاية الصحية، متطرقة إلى الدور المنوط برجال الأعمال أو قادة المنظمات في تمكين الابتكار لحل قضايا الرعاية الصحية مسبقًا قبل أن تنشأ هذه التحديات، إلى جانب فرص تحسين الرعاية وتخفيض التكاليف على المرضى وتحديد الأولويات والفرص ومهارات التعاون المشترك بين التخصصات والمهارات القيادية في النظم الصحية.