قراءة في تاريخنا الوطني
برعاية وحضور مدير جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز الدكتور عبدالرحمن بن محمد العاصمي وضمن الفعاليات المصاحبة لمعرض الكتاب الأول بالجامعة والمقام خلال الفترة 17-24-7-1437هـ، أُقيمت مساء يوم الثلاثاء الموافق 19-7-1437هـ محاضرة بعنوان (قراءة في تاريخنا الوطني)، قدمها الدكتور عبدالعزيز بن عبدالرحمن الثنيان، عضو مجلس الشورى سابقاً. حيث كان في استقباله فور وصوله الدكتور عبدالرحمن العاصمي، بعد ذلك افتتح المحاضرة الدكتور تركي الظفيري مرحباً بالضيف وبالحضور الكرام.
بدأ الدكتور عبدالعزيز الثنيان في محاور محاضرته باستعراض سريع لفترة عمله بالتعليم، جاء بعد ذلك طرح لتاريخ الدولة السعودية الأولى والثانية وكيف نشأت وعلى يد من, وكيف أسقطت تلك الدول من خلال التحالفات والحروب التي شنت ضدها. بعد ذلك استعرض نشأة الدولة السعودية الثالثة من بداية عزم الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - على فتح الرياض، والمراحل التي مرت بها من تشكيل الجيوش والغزوات التي دارت خلال تلك الفترة إلى أن من الله عليه بتوحيد هذه البلاد المباركة.
وتناول الثنيان قصة توحيد المملكة وكيف امتطى الملك عبد العزيز جواده منذ فتوته يقود الجيوش ويعيد توحيد الأوطان، مؤكدًا في الوقت ذاته أنه ليس بالسلاح وحده توحد الأوطان، فالقوة ليست كل شيء؛ لأن شخصية الملك عبد العزيز هي الأساس، فقد ميَّزه الله بخصال جعلت منه قائدًا فريدًا استطاع أن يؤسس دولة نسعد نحن الأحفاد بخيراتها، وذلك أنه بعد أن استعاد مدينة الرياض تحرك يمنة ويسرة يجمع عقد الدولة المتناثرة وكانت أمامه تحديات، فحاضرة نجد لا تعليم نظامياً لديها وإنما هي السليقة والفطرة والتعليم الديني، وبادية الصحراء فخرهم الغزو والسلب، والإمارات التي نشأت على أنقاض الدولة السعودية السابقة ناصبت الفارس الجديد العداء وخشيت على زعامتها ونفوذها. إنها مهمة صعبة، فهل يكون السيف طوق الوحدة، وهل يختار البندقية لتكون أساس الاجتماع، وهل القسوة الحسية والمعنوية تجمع القلوب، وهل يختار الغلظة والعنف مع المناوئين، وهل يستخدم الرصاص مع كل معارض وضد كل متطاول؟ وأين الكفاءات العلمية التي يحتاج إليها لبناء الدولة؟ إن المهمة صعبة.
مشيرًا من خلال ذلك إلى أن قراءة سيرة الملك عبد العزيز وتأمل مواقفه والنظر في معالجته لكثير من الأحداث تؤكد أن المؤسس - رحمه الله - استمال القلوب قبل الأجسام، وساد بالعقل قبل السيف، وبالرفق قبل القوة، وتعامل مع الفرسان الأشاوس ومع الدهاة الأبطال فأرخوا أعنتهم لقيادته وجمع الله له الهيبة والمحبة والخشونة والنعومة، فعنده رباط الخيل والقوة، ولديه رباط العقل والرقة، استقطب العقول والخبرات وتوافرت لديه مقومات الزعامة، فالدهاء والفراسة قبل السيف والعنف، والحلم والتسامح قبل السيف والبندقية.
لقد صدق الملك عبد العزيز ونفذ المعجزة التي انفرد بها دون سواه، وهي كسب القلوب، فاستوزر وزراء خصومه، واستقدم مناوئيه وحولهم من العداوة إلى الصداقة، ومن العمل ضده إلى العمل معه.
إن الدارس لسير الدول في الماضي والحاضر يرى التنكيل والتعذيب لرجال العهود السابقة ويشاهد التشريد لعقول الماضي، أمّا الملك عبد العزيز فجاؤوا إليه يعتذرون فاصطفاهم وأكرمهم ورأوا منه حسن المعاملة واحترام الإنسان.
إن الدارس لسيرة الملك المؤسس يتملكه العجب وتأخذه الدهشة كيف استطاع أن ينقل بمهارة فائقة وزراء وأعوان أعدائه إلى ديوانه وفسطاطه.
وقد أشار الدكتور الثنيان إلى أن الملك عبد العزيز فطن منذ تأسيسه الدولة إلى أن الخلاف والفرقة سبب الهلاك وذهاب الدول، وأن التحزبات القبلية تخلف وجهل، لهذا فكَّر منذ البداية في دمج المجتمع، وكذلك امتاز الملك عبد العزيز بالدهاء والفطنة. ويأتي من بعده أبناؤه الذين لم يدّخروا جهداً في تنمية هذه البلاد وتطويرها وتوفير سبل الراحة للمواطنين، وخدمة ضيوف الرحمن، وحمايتها من الطامعين وكيد الحاقدين إلى عهد خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله - متطرقاً للرؤية المستقبلية للدولة (2030) وما سينعكس على الوطن والمواطن من خير ونماء وعطاء. بعد ذلك أجاب على الأسئلة التي طرحت من الحضور. من جانبه شكر مدير الجامعة الدكتور الثنيان على تلبيته الدعوة لإقامة هذه المحاضرة التي تعيد إلى الذاكرة شيئًا من طيف الذكرى لتاريخ وطننا المجيد ورجالاته ابتداءً من عراقة الماضي وصولاً إلى رؤية المملكة 2030 التي يتحقق معها الخير والبركة، فتلك هي بلادنا، وهذا هو وطننا نعيش فيه ويعيش فينا، نحميه ويحمينا. وفي نهاية المحاضرة تسلم سعادته درعاً تذكارياً من معالي مدير الجامعة الدكتور عبدالرحمن. حضر المحاضرة سعادة محافظ الخرج الأستاذ شبيلي المجدوع ووكلاء الجامعة ونخبة من أعضاء هيئة التدريس.
بعد ذلك توجه الضيوف للقيام بجولة بمعرض الكتاب، حيث استمعوا من المنظمين نبذة تعريفية عن المعرض وما سيقدم من خلال فترة إقامته من فعاليات مصاحبة وبرامج.