قبل أيام حصدت فلسطين جائزة علمية جديدة، حيث سجلت المهندسة الفلسطينية ابنة القدس يارا نجدي براءة اختراع لقدم ذكية تساعد ذوي الاحتياجات الخاصة في الحركة، وقضت المهندسة نجدي ساعات طويلة في مختبرات إحدى الجامعات الأمريكية وهي تجري تجاربها من أجل اختراع «القدم الذكية» التي تساعد الأشخاص ذوي الإعاقة على الحركة والمشي بسهولة ويسر، وفازت هذه الطالبة بجائزة المليون دولار لتطوير القدم الذهبية.. حقا إن المهندسة يارا نجدي مبعث فخر ليس لفلسطين بل للأمة العربية بهذا الإنجاز الكبير الذي يخدم البشرية، هذه المهندسة الفلسطينية التي خرجت من وسط المعاناة والآلام.. فهي تمتلك عزيمة وإصرار كبيرين على الوصول والإنجاز، ورفع اسم فلسطين عالياً، وتواصل المهندسة الفلسطينية نجدي -حسب ما صرحت به لوسائل الإعلام- تجاربها وتعكف على تصميم روبوت يساعد الأطفال المعاقين على التخلص من العكاز أو الكرسي المتحرك الذي يتسبب لهم بمشاكل صحية في المستقبل، وذلك من خلال استخدام تكنولوجيا مبتكرة عبر تركيب أطراف صناعية فوق الأطراف الطبيعية بحيث يتم التحكم بحركتها عن طريق جهاز حاسوب صغير متصل بخصر المريض». إن صاحبة اختراع «القدم الذكية» ليست الأولى بل هناك الكثير من العقول الفلسطينية المنيرة التي قدمت للبشرية الكثير من الإنجازات، وطوّرت الكثير من الأفكار، فقد كان للمهندسين الفلسطينيين دور بارز ومميز في البناء والهندسة والإعمار في دول الخليج والكثير من الدول العربية ودول الغرب، وكان للمعلم الفلسطيني دورٌ تربويٌ وتعليميٌ كبير في الكويت وليبا ولبنان والسعودية واليمن وجميع الدول العربية، كما تميز الفلسطينيون أيضاً في أوروبا وأمريكا، وتضم الجاليات الفلسطينية في أوروبا عقولاً نيرة من الأطباء والمهندسين والصحافيين وأصحاب الكفاءات والخبرات، كما لا ننسى تميز الفلسطينيين في الإعلام الدولي، وهناك الكثير من المحطات العالمية والدولية يعمل بها صحفيون فلسطينيون، واليوم لا تذكر مسابقة صحافية دولية إلا ويحصد الفلسطينيون عدداً من الجوائز الدولية فيها، كما لا تذكر مسابقة عربية في الشعر والثقافة والفن إلا ويكون لفلسطين مركزاً وتكون حاضرة في هذا الميدان.
إن العقول الفلسطينية هي التي تواجه اليوم جبروت الاحتلال الصهيوني هي التي طورت مقاومتها للاحتلال من الحجر والسكين إلى البندقية والصاروخ هذه العقول التي تواجه اليوم الترسانة العسكرية الإسرائيلية الشرسة وتتحدى أقوى جيوش العالم عدة وعتاداً، وتحفر في الصخر وجنبات الأرض من أجل مواجهة سحق هذا العدو والانتصار عليه. إن جامعاتنا الفلسطينية والكليات التقنية الشامخة في وطننا تحوي بين جنباتها المئات من المشاريع الإبداعية في مجال الهندسة والتكنلوجيا، بل وتقوم جامعاتنا بصورة سنوية أو نصف سنوية بتنظيم مؤتمرات هندسية، وملتقيات للإبداع التكنولوجي، وخلال هذه المؤتمرات يتم عرض الكثير من المشاريع الإبداعية الجديدة. والكثير من الشركات الهندسية الكبرى والوكالات العالمية استقطبت العقول الفلسطينية المتميزة، فقد استقطبت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» قديما العالم الفلسطيني عصام النمر، الذي كان أحد الخمسة المسؤولين عن إعطاء شارة البدء لإطلاق أول مركبة فضائية تهبط على سطح القمر في تموز 1969م، كما أن الشابة الفلسطينية المهندسة سها القيشاوي، من قطاع غزة تعد من كبار المهندسين في البرنامج الفضائي بوكالة «ناسا» وهي التي توصل رواد الفضاء إلى المريخ، وهي مسؤولة -حسب تصريح إعلامي لها- عن تكامل البرمجيات مع الهاردوير، وعن فحصها المستمر من أجل التأكد من أنّ الحاسب على المركبة الفضائية يعمل كما هو متوقّع في الجيل التالي من المركبات الفضائية الأمريكيّة، المعدّة من أجل سبر أعماق الفضاء. وقبل عامين تمكن الشاب الفلسطيني رامي أبو جلاله (28 عاما) من إنقاذ شركة مايكروسوفت العالمية من تكبدها خسائر بملايين الدولارات على الرغم من امتلاكها آلاف المبرمجين، حيث اكتشف أبو جلاله حسب تصريحات له ثغرة خطيرة في برنامج (ويندوز 8) الذي أصدرته الشركة دون الاهتمام بجانب «التحصين»، ويمكن استغلالها في سحب معلومات أي مستخدم لويندوز 8، وقامت الشركة بالتواصل مع الشاب أبو جلاله وضمته لفريقها البرمجي، هذه نماذج قليلة من المئات من الفلسطينيين والعقول النيرة التي تعمل في شركات عالمية وحققت نجاحات كبيرة وباهرة. اليوم فلسطين تمتلك الآلاف من العقول المميزة والمتنورة التي خرجت من رحم المعاناة والحصار وتحدي الآلام والمصاعب، وهي بحاجة إلى حضن دافئ ودعم ومساندة وبحاجة وتوفير مظلة لتطوير هذه الأفكار وهذه الاختراعات الإبداعية.. إلى الملتقى،،