عمر إبراهيم الرشيد
قد يشكل العنوان أعلاه لبساً لدى البعض، باعتبار أن الفكر كلمة فضفاضة تسع فكر وثقافة المجتمع بما فيهما من قناعات وحتى مفاهيم إسلامية وشرعية سامية. إنما قصدت الفكر الإداري الذي تسير عليه مختلف القطاعات الحكومية بل وحتى معظم الخاصة كونها في نفس البيئة تؤثر في بعضها البعض، إضافة إلى تأثر وتأثير المجتمع في تلك القطاعات كذلك فكراً وسلوكاً وتنفيذاً.
كل عمل يبدأ بفكرة مهما صغر أو كبر، وإنما الإنسان تميز بعقله المفكر، حتى قيل إن الانسان هو الكائن الحي الوحيد الذي يفكر في تفكيره، بمعنى أنه يمتلك عقلاً ناقداً لكل شيء بما في ذلك طريقة تفكيره، يحللها وينقدها سعياً إلى تصحيح أخطاء تفكيره والرقي بعقله. حين تحدث سمو الأمير محمد بن سلمان للجمهور وكانت تلك أول مقابلة له، رآه الناس بصورة أكبر وأوضح وعرفوه عن قرب، كما قال سقراط جملته الشهيرة (تكلم حتى أراك) فاللسان يكشف جوهر الإنسان.
وسوف لن أتوسع في مديح هذه الشخصية فهي بغنى عن مدحي، إنما يكفي الحديث وبشكل موجز جداً والحر تكفيه الاشارة. عندما تحدث الأمير عن (الرؤية 2030)، كأنه تحدث نيابة عن رجل الشارع كما يقول التعبير الدارج، بأحلامه التي يختزنها صدره بأن يرى هذه البلاد وقد استغلت عوامل تقدمها بدل (إدمان النفط)، والذي أنعم الله به على هذه البلاد فاستفادت وأفادت به غيرها من جيرانها وأصدقائها على امتداد عقود من الزمن. إنما وبفعل العوائد الضخمة فإن البشر مجبولون على حب الخير والركون وقت الرخاء، حتى يأتي ما يهزهم لتنبيههم اما من خلال أزمة تستخرج الكامن أو الخامل من طاقاتهم، أو تغيير يقوم على يدي قائد يأخذ بأسباب النهوض والرفعة.
التحديات والأزمات التي مرت بها المملكة على امتداد تاريخها الحديث كانت مفصلية، إنما لعل الظروف الحالية هي الأكبر تحدياً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، والحمد لله الذي وهب هذه البلاد حكاماً عقلانيين عركتهم الحياة بتجاربها ودروسها، وثروات هائلة اقتصادية وبشرية هي بحاجة إلى حسن استغلال وإدارة شأننا شأن أي مجتمع.
حلت هذه الظروف والأزمات من حولنا ومعها الوضع الاقتصادي المتغير، ليأتي دور القيادة ومعها الكوادر البشرية والخبرات والكفاءات العلمية داخلياً وخارجياً، لتغيير الفكر الإداري جذرياً وتغيير إدارة الامكانات والثروات واستغلالها بطريقة اقتصادية، وحسن استغلال ما تتوفر عليه البلاد من تميز جغرافي وتاريخي، ومن ثم الانعتاق من هذا الإدمان النفطي بإذن الله تعالى.
كانت هناك توقعات بما سيتضمنه إعلان الرؤية خاصة في جانبه الاجتماعي والترفيهي، وتحديداً افتتاح صالات السينما، وذلك عندما تحدث الامير محمد عن قضية الترفيه كون المواطن لديه الرغبة والامكانية للحصول على الترفيه لكنه لا يحصل على ما يرغب، بسبب سوء إدارة هذا القطاع.
كان قطاع عريض من الجمهور يتوقع التطرق إلى هذا الموضوع تحديداً، وهو صالات السينما لما تشكله من مرفق ترفيهي عالي الجودة ومؤثر في رفع الوعي الثقافي وبالتالي الوعي الاجتماعي والانساني، إنما لا ننسى أن الرؤية والتحول الوطني مراحل، ولكل مرحلة اعتبارها ومتطلباتها.
والجانب الاجتماعي ما يتصل بحسب ما توقعه الكثيرون قضية قيادة المرأة، وفي رأيي الشخصي أن (الرؤية 2030) -وأؤكد على أن هذا مجرد توقع ورأي شخصي- أقول إن (الرؤية) لم ترد الاستعجال بحسم هذه القضية وهي قيادة المرأة طالما أن مشاريع النقل العام والمترو والقطارات في مناطق المملكة الكبرى لم تنته بعد. فلكي يكون لدينا قيادة أكثر أماناً ورقياً وسلاسة مرورية فلا بد أن يكون لدينا وسائل نقل عام كما لدى الدول المتقدمة، اضافة إلى تنظيم قانوني وفني أكثر تطوراً من الموجود حالياً، عندها لن تكون قيادة المرأة (قضية)، وفق الله هذه البلاد قيادة وشعباً وطابت أوقاتكم.