د. فهد صالح عبدالله السلطان
منذ عدة أيام اتصل بي أحد كبار المقاولين وطلب مقابلتي. سألته عمّا إذا كان هناك من موضوع محدّد ينوي مناقشته معي؛ ففهمت أن شركته تواجه بعض التحديات، وأنه يريد أن يستنير برأي الفقير إلى ربه عمّا يمكنه عمله في هذا الصدد. طلبت منه إمهالي لبعض الوقت محاولًا بذلك استرداد أنفاسي، وإسداء النصيحة التي قد تساعده على الخروج من المأزق لعل حسن ظنه بي يكون في محلّه. بدأت استعرض الأزمات المشابهة التي مرت بها بعض الكيانات العالمية لعلّ ذلك يقودني إلى محاكات بعض الحلول.. وقد خلصت إلى رأي مفاده «أن عليه السعي والعمل على تحويل هذا التحدي الذي يواجهه إلى فرصة. كيف»؟
يتلخص الرأي المتواضع في وضع إستراتيجية مبسطة ومبدئية يمكن تسميتها «إستراتيجية العشرين دقيقة»، تم إيصالها للمتلقّي عن طريق الهاتف المتنقل خالية الرتوش، تتضمن النقاط التالية:
أولاً: العمل كخطوة أولى وبشكل سريع جداً على تخفيض تكاليف التشغيل بقدر الإمكان.
ثانيا: القبول بمبدأ التغيير والتحول الجذري من الوضع الراهن. يقول الخبير الإستراتيجي أديسون نابوليتانو: لا تجعل الخوف يحول بينك وبين تغيير إستراتيجيتك بشكل كلي، والانحراف عن مسار العمل الحالي بشكل جذري.
ثالثاً: التفكير في فرص عمل جديدة وأنشطة أخرى ربما تكون بعيدة كل البعد عن مجال العمل الحالي، كما فعلته شركة «نوكيا» عندما حولت نشاطها جذرياً في التسعينيات من صناعة إطارات السيارات (صناعة تقليدية) إلى صناعة أجهزة الهاتف المتنقل (صناعة تقنية). أي التفكير خارج الصندوق والتركيز على الإبداع.
رابعاً: التحول من نشاط لآخر داخل القطاع.
خامساً: التحول من شريحة إلى أخرى، أو من قطاع لآخر من العملاء. أي تغيير شريحة العملاء المستهدفين كما فعلته إحدى كبريات شركات خدمات الطرق الأمريكية؛ عندما تحولت من التركيز على استهداف الأفراد والعوائل من عابري الطرق إلى استهداف سائقي شاحنات النقل فقط، بعد أن واجهت تحديات في خدمات الأولى. وهنا تنصح الشركة التي تواجه تحديات في أي من قطاعي الأعمال أو الحكومة في التحول إلى القطاع الآخر ولو بشكل مؤقت، حتى تعود إلى القطاع الأول عافيته.
سادساً: الأخذ بسياسة (الصيد في العجاج). في لقاء جمعني مع الشيخ حمد آل ثاني الأب عندما كان أميرًا لقطر، وكان الحديث يدور حول التحديات التي تواجه بعض الاقتصاديات الحديثة. أشرت في حديثي عن ذات الموضوع إلى مثل اقتصادي يقول «أن الفرص تولد من رحم الأزمات»، أجابني سموه، أن هناك مثلاً خليجياً بذات المعنى يقول «الصيد في العجاج». ويعني أنه عندما تشتد الرياح وتغبّر السماء يتراجع كثيرٌ من الصيادين تاركين ساحة الصيد إلى القلة من المهرة الذين يحصدون نصيب الأسد نظراً لقلة المنافسين. هذه الإستراتيجية تتطلب الصبر ومواجهة الموقف بقدر الإمكان مع الحدّ من تكاليف التشغيل بشكل كبير لأن الوقت كفيل بتراجع عدد المنافسين وازدياد الفرص.
وباختصار ترتكز إستراتيجية العشرين دقيقة هذه على محورين، الأول: الإيمان بأن مع العسر يسرا، وأن الغيث إذا اسودّت السماء، وأن الفرص تولد من رحم الأزمات. والثاني: العمل على مواجهة التحدي، وعدم التسليم وقبول التغيير، والعزم على تغيير إستراتيجية العمل حتى وإن كان ذلك التغيير تغييراً حادّا وجذريًا.
والله الهادي إلى سواء السبيل،،،،