* مشكلتي باختصار أنني مللت من عصبية زوجي وعدوانيته، وسوف أضرب لك مثلاً لهذا الأمر: ينزعج بشدة من أي حركة على السرير، وينزعج من أي ملامسة. وأحياناً يدفعني بقوة وربما طردني من الغرفة، وبعد أن وصلت لمرحلة الانفجار ذهبت إلى أهلي وما زلت عندهم. وأفكر الآن في الطلاق، فقد مللت كل هذا، وفي المقابل أعلم أن الطلاق أبغض الحلال فماذا أفعل؟
* الرد:
- أختي الكريمة: من منهجي في الرد على القراء الوقوف على الحقيقة التي أؤمن بها، وما أراه أن مشكلتك ليست بالعويصة، بل لا أخفيك أنها من أسهل المشاكل، من خلال خبرتي في التعاطي مع المشكلات تعلّمت أن الحديث عن العموميات إذا تلاه استغراق في مشكلة واحدة يؤكّد لي أن المشكلة فقط منحصرة فيما فصّل واسترسل فيه!
وللأسف أننا كثيراً ما نجنح إلى التعميم في حياتنا وسط تغييب كامل للموضوعية والمنطق، وهذا ما يجعلنا نعيش في صراعات نفسية مؤلمة، وقد لاحظت حضور هذا المسار الفكري لديك من خلال كلماتك، فقد جللتِ حياتك ومستقبلك بالسواد التام وصورتِ زوجك كمنظومة شرٍ تتحرك!
أختي: يُقال إن أصحاب العقول الكبيرة دائماً ما يضعون أنفسهم كجزءٍ من الحل ويجندون طاقاتهم وقدراتهم لذلك الأمر وهذا التصرف يعدّ قمة الإيجابية وأحسبك من هؤلاء الأشخاص!
باختصار زوجك من الأشخاص الذين يتعكر مزاجهم خلال النوم وهذا أمر شائع، فما زلت أتذكّر ذلك الصديق الذي كنا نتصاحب معه كثيراً في الرحلات وكان أشقّ أمرٍ علينا في الرحلة هو إيقاظه من النوم، حيث كنا نرتعد خوفاً منه وخشيةً من ردة فعله العنيفة، والتي قد تصل للسبّ والشتم ولربما الضرب بأقرب شيء عنده، لذا غالباً ما نذهب جميعاً لإيقاظه حتى يضيع الدم بيننا! ولكن بمجرد ما يرجع مزاجه إلى طبيعته، يعود كأطيب وأرقّ إنسان، لذا فزوجك ليس بدعاً من البشر، وإن هذا الحال قد لا يملك التصرف فيه فهذا مما جبل عليه.
ومن الحيف أن نحكم على إنسان وهو في تلك الحال فالأمر ربما تجاوز قدرته. إن ما ينقصك أنتِ وزوجك هو الحوار الهادئ ويسبقه إحسان الظن والقفز من الاسترسال في المشكلة إلى دائرة البحث عن حلول، وأعرف زوجاً يعاني من مشكلة النوم الخفيف، حيث إنه يستيقظ من مجرد حركة بسيطة مما سبب نزاعاتٍ كثيرة مع زوجته، وفي لحظاتٍ جميلةٍ حكّما فيها العقل والمنطق السليم تفاهم مع زوجته على أن ينام كل منهما في غرفة مستقلة واستمرت الحياة كأحلى ما يمكن.
فمثلاً من الحلول المقترحة أن ينام كل منكما على سرير منفصل ويأخذ راحته على سريره وينام بالطريقة التي يريدها. أما أن تتفجر الأمور وتتأزم وتصل لحد الابتعاد والتفكير بالطلاق فهذا أمر مرفوض تماماً، ولا يقبل من عقلاء أمثالكم.
لو تأملتِ في زوجك لوجدتِ عشرات الصفات الطيبة والسجايا الحسنة, والعصبية أمر ابتلي به فيجب التعايش معها والصبر عليها كأمر مفروض. عودي إلى زوجك برسالة رقيقة وارجعي إليه بقلب المحبّ المتسامح، وتذكّري أن البشر ليسوا مخلوقاتٍ كاملة ففيهم من النقص والخطأ. وفَّقك الله ويسَّر أمرك.