يؤكد علماء الاتصال أن الاحتكاك الدائم في العلاقات الإنسانية يولد التوتر ويورث الملل والفتور, وكذلك على صعيد العلاقات الزوجية, فالمقابلة المستمرة بلا انقطاع بين الزوجين لربما تورث الزهد بالآخر وعدم تثمين إيجابياته, فالمداومة على النعم والاعتياد عليها قد يفقد الإحساس بقيمتها والشعور بأهميتها في الحياة, ومعه قد تخبو المشاعر وينطفئ شعاعها, فالضجر والسآمة من الشيء المتكرر طبيعة البشر. ولهذا ينصح الخبراء بإجازة زوجية تجدد الحب والرومانسية من وقت لآخر.
وعند إحدى القبائل الباكستانية من عادتهم الزوجية هو ابتعاد الزوجين لمدة شهرين في كل سنة ويعودون بعدها وفي قلوبهم لوعة الشوق, بل تكاد أفئدتهم تطير حنينًا إلى الشريك, ولعل هذا من أسباب تدني نسبة الطلاق عندهم!
فما الذي يمنع الزوجين من التوقف قليلاً وأخذ إجازة قصيرة من ضغط الحياة الزوجية وتكاثر التزاماتها؟
لماذا لا يفك الزوج أسر زوجته قليلاً مع تراكم الضغوطات وتعاظم التوترات؟ وكذلك الزوجة لماذا لا تخفف من محاصرتها لزوجها والتصاقها به؟ فالزواج ليس معتقلاً أو سلبًا للحريات أو عقوبة تمنع أحد طرفي العلاقة من ممارسة بعض من حريته سواء تعلق الأمر بلقاء أصدقائه أو بممارسة هواياته أو السفر .
وللإجازة الزوجية فوائد عديدة منها:
الإحساس بقدر العائلة, كما أنها تجديد للحياة والعودة للمنزل بروح أكثر إشراقًا. يقول جون غراي: إن الأيام التي لا تشعر فيها بالانجذاب نحو شريكك أشبه بالأيام الملبدة بالغيوم حيث تغيب أشعة الشمس, وأقول إن الابتعاد المعقول يعطي الشمس فرصة أن تشرق وتفرق الغيوم, ومحطة مفيدة لإثارة (الحنين) وإلهاب مشاعر (الفقد) عند الشريك, وبالتالي يثير مشاعر إيجابية تجاه الشريك.
إن الإجازة الزوجية تحفظ للزوجين (استقلاليتهما) الشخصية، وهو بعدٌ أراه هامًا جدًا في الحياة الزوجية، وهى بمثابة تجربة (انفصال مؤقت) تُراجع خلالها الحسابات، ويتجدَّد فيها النشاط، ويُعاد النظر في أمور العلاقة الزوجية ؛ لتستعيد عافيتها وبريقها، وأحسب أن البديل هو الغرق في بحر الملل حيث تتراكم المشكلات وتذوب المشاعر, لذا كانت الإجازة الزوجية فرصة رائعة ومِساحة مهمة؛ لإعادة وهج الحياة.