«الاحتفاظ بالأسلحة النووية وتحديثها سيؤدي إلى استمرار انعدام المساواة الذي تعاني منه البشرية ليلقي بأعبائه على الأجيال المقبلة»
زار وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مؤخرا متحف النصب التذكاري لضحايا القنبلة النووية في مدينة هيروشيما اليابانية. ووصف الوزير الأمريكي الزيارة غير المسبوقة للمسئولين الأمريكيين بأنها كانت «مؤلمة للغاية» و»مذهلة» ولن ينساها أبدا، مضيفا أنه «يجب على كل إنسان في العالم أن يرى ويشعر بقوة هذا النصب التذكاري».
هذه التصريحات تعزز التكهنات حول إمكانية قيام الرئيس الأمريكي باراك أوباما بزيارة هيروشيما خلال رحلته لليابان في وقت لاحق من الشهر الحالي لحضور اجتماعات قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في منطقة آيس شيما اليابانية و أتمنى من كل قلبي أن تتاح للرئيس الأمريكي الفرصة للقيام بهذه الزيارة.
كان أوباما قد دعا في كلمة له في العاصمة التشيكية براج عام 2009 إلى «عالم بدون أسلحة نووية» واعتبر استمرار وجود هذه الأسلحة «أخطر تركة للحرب الباردة». المخاوف من خطر الانتشار النووي تصاعدات داخل المجتمع الدولي خلال العام الحالي خصوصا في ظل اتجاه كوريا الشمالية إلى استئناف برنامجها النشط لإجراء التجارب النووية. الحقيقة أن الوقت قد حان لتجديد الجهود الرامية إلى وضع خارطة طريق لإقامة عالم بدون أسلحة نووية والقيام بخطوات ملموسة في هذا الاتجاه. وللأسف الشديد فإن مؤتمر مراجعة المعاهدة الدولية لحظر الانتشار النووي انتهى العام الماضي بدون اتفاق، ومع ذلك هناك مؤشرات على تطورات جديدة.
الدول النووية وحلفاؤها يواصلون التأكيد على أنه لا بديل عن الاحتفاظ بالرادع النووي مادامت هذه الأسلحة موجودة. لكن الحقيقة أن انتشار الأسلحة النووية وغيره من التهديدات يوفر باستمرار الظروف التي يمكن أن تسفر عن انفجار أو إطلاق صاروخ نووي بشكل عارض وغير مقصود. إن استخدام الأسلحة النووية في أي مواجهة عدائية سيؤدي إلى عواقب لا يمكن تداركها، سواء من حيث عدد الضحايا الذين يفقدون أرواحهم أو أعداد البشر الذين سيعانون من الأثار التالية للهجوم النووي. وبالطبع فإن استخدام أي قنبلة في الترسانة النووية العالمية التي تضم أكثر من 15 ألف قنبلة نووية سيدمر في لحظة واحدة كل جهود البشرية لحل مشكلات العالم.
وحتى إذا كنا قادرين على تجنب الاستخدام الفعلي للأسلحة النووية، فإن الاحتفاظ بهذه الأسلحة وتحديثها سيؤدي إلى استمرار انعدام المساواة الذي تعاني منه البشرية ليلقي بأعبائه على الأجيال المقبلة.
حاليا مازالت «مجموعة العمل المفتوحة» تعقد جلستها الثانية في المقر الأوروبي للأمم المتحدة بمدينة جنيف من أجل دفع المفاوضات متعددة الأطراف لنزع الأسلحة النووية إلى الأمام.
الأمر المهم هو البيان الذي أصدره مؤخرا وزراء خارجية مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى خلال اجتماعهم في مدينة هيروشيما والذي أشار إلى اجتماعات «مجموعة العمل المفتوحة» وأعرب عن الأمل في أن تشجع هذه الاجتماعات من خلال «الحوار المتوازن والبناء» التعاون المستقبلي بين الدول النووية والدول غير النووية. وتضم مجموعة الدول السبع 3 دول نووية و4 دول غير نووية. وأتمنى أن تدير «مجموعة العمل المفتوحة « حوارات بناءة من أجل تحديد الإجراءات الفاعلة المطلوبة «للوصول إلى عالم بدون أسلحة نووية والحفاظ على ذلك» بحسب التفويض الذي منحته الجمعية العامة للأمم المتحدة لهذه المجموعة. من المهم أن تؤدي هذه الاجتماعات إلى بدء المفاوضات التي يمكن أن تقود إلى معاهدة لحظر الأسلحة النووية.
ومن الخطوات المهمة العاجلة بدء تطبيق معاهدة حظر التجارب النووية التي تم توقيعها لأول مرة منذ حوالي 20 عاما. وتحتاج هذه الاتفاقية كي تدخل حيز التنفيذ تصديق 8 دول محددة عليها، وسيساهم ذلك في إيجاد الظروف المواتية لقيام عالم خال من التجارب النووية.
في كلمة له أمام مؤتمر مراجعة اتفاقية حظر الانتشار النووي العام الماضي، قال ممثل جنوب إفريقيا إن «نزع السلاح النووي لا يمثل فقط التزاما قانونيا دوليا، لكنه أيضا التزام أخلاقي ومعنوي». هذه الكلمات تعبر عن الشعور المشترك لكل الشعوب المحبة للسلام.
في بداية الجولة الحالية لاجتماعات «مجموعة العمل المفتوحة»، انضمت منظمة «سوكا جاكاي الدولية» إلى ممثلي المجموعات الدينية الأخرى في إصدار بيان تحت عنوان «المجموعات الدينية قلقة من العواقب الإنسانية للأسلحة النووية». وقال البيان إن «الأسلحة النووية لا تتوافق مع القيم التي يدعو إليها إيماننا وهي حق الشعوب في الحياة بأمن وكرامة وسيادة الضمير والعدل وواجب حماية الضعفاء وإدارة شئون العالم بما يضمن الحفاظ على كوكب الأرض للأجيال القادمة».
اليوم، هناك الكثير من دول العالم بدأت تتحرك نحو الهدف المشترك وهو ِإقامة عالم خال من الأسلحة النووية. المطلوب الآن هو دفعة جديدة لهذه الرؤية وتكوين قوة دفع جديدة وقوية للعمل الجماعي نحو تحقيق هذا الهدف.
لا يمكن أن تظل قضية الأسلحة النووية مجرد موضوع للجدل بين الحكومات فقط،، فالكثيرون من الأفراد الساعين نحو السلام والذين يمثلون الآن المجتمع المدني يجب أن يرفعوا أصواتهم ويعبروا عن رأيهم. وعلينا أن نعرب عن إصرارنا القوي على المضي قدما في الطريق الذي يقود إلى حظر هذه الأسلحة التي تمثل أداة للمذابح الجماعية والتخلص منها.
- دايساكو إيكيدا