رحلت أمي عن الدنيا بعد عمر مديد إلى رب غفور ودود.
رحلت بعد أن تركت أبناءً وأحفاداً وأحفاد الأحفاد، غفر الله لكِ، وأسكنك فسيح جناته، وجمعنا بكِ في دار كرامته.
وبرحيلك فقدت السعادة والبشاشة. فقدنا الحنان والابتسامة والترحيب والتهليل والدعاء.
فقدنا المحبة والعطف والسؤال عن الصغير قبل الكبير.
فقدنا أماً بشوشة حنونة.
رحلت معها السعادة التي كنا نشعر بها ونحن إلى جانبها، سواء بحديثها الذي لا يملّ عن ذكرياتها الخالدة أو نظراتها الحنونة، ونحن معها تسأل عن هذا وذاك، ودائماً شاغلة بالها بمتابعة أحوالنا وأبنائنا وأبناء أبنائنا، وكيف هذا وذاك.
تمرض مع المريض، وتحزن مع الحزين، وتسعد مع السعيد القريب أو البعيد.
تلهج بالدعاء للجميع، وتتابع الأخبار، وتدعو بأن يعمّ البلاد الأمن والاستقرار، وينصر حكامنا ويسدد على طريق الخير خطاهم.
رغم عمرها المديد مشغلة حالها بكل ما يجري من صغيرة وكبيرة، إذا تأخرت عن الزيارة لا يهدأ لها بال حتى تراك أمامها.
ماذا أقول بفقدانها، فقدت السعادة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
فقدت الاجتماع الأسبوعي، فقدت أهم صلة من صلة الأرحام.
يا من له أمّ على قيد الحياة، لا تترك زيارتها ولا يوماً واحداً. لا تعتذر بالمشاغل وظروف الحياة، ستندم عن كل يوم لم تزرها، فقد ندمت على اليوم الذي لم أزرها فيه.
أسأل الله العلي القدير أن يجمعنا بها ووالديّ وابني بدر وجميع أحبتي والمسلمين أجمعين بالفردوس الأعلى.. إنه سميع مجيب.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
أمّاه ليتك تشاهدين تلك الوفود من المعزين يدعون لك بقلب حزين أن يغفر لك رب العالمين.
- محمد عبد العزيز آل محمود