ثامر بن فهد السعيد
ظل القطاع الصحي في المملكة العربية السعودية محل اهتمام الدولة وتركيزها جنبا إلى جنب مع التعليم دائما وهي أحد أعلى متركزات الإنفاق الحكومي في السنوات الأخيرة وهذا ما كانت ولا زالت تظهره أرقام الميزانية للدوله فمنذ العام 2012 تجاوز إجمالي ما انفق على القطاع الصحي 558.5 مليار ريال سعودي, استمر الإنفاق على القطاع الصحي بالنمو منذ العام 2011 وحتى العام 2015 مبتدأ من مستويات ال80 مليار حتى وصل إلى 160 مليار قبل أن يعاود رقم الإنفاق الحكومي الصحي على الانخفاض بالموازنة العامة للمملكة العربية السعودية للعام الحالي 2016 فكان ما خصص للخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية 104 مليارات ريال. تبلغ عدد المستشفيات الحكومية في المملكة العربية السعودية ما يتجاوز 270 مستشفى ويبلغ عدد المراكز الصحية في المملكة ما يفوق 2260 مركزا صحيا تبلغ طاقتها السريرية ما يقارب 39 ألف سرير ما يمثل سريرا لكل 790 شخص يسكن المملكة العربية السعودية بحسب إحصائيات وزارة الصحة السعودية للمستشفيات التابعة لها فقط, وحسب ما يقاس عالميا يتوفر 2.1 سرير لكل 1000 شخص في المملكة بحسب إحصائيات البنك الدولي عن العام 2012 وهو آخر تحديث منشور في موقع البنك. بجانب هذه الأرقام فالقطاع الصحي الخاص في المملكة تتجاوز طاقتها السريرية 14 ألف سرير.
بجانب هذه الأرقام المتاحة للطاقة الاستيعابية للمستشفيات التابعة لوزارة الصحة فإن حجم القدرة على تغطية المملكة العربية السعودية بمنظومة صحية متكاملة في جميع التخصصات لا زالت هدفا يراد الوصول إليه ولم تصل إليه وزارة الصحة بعد رغم كل ما تم إنفاقه في السنوات الماضية ولعل سكان المدن ذات الكثافة السكانية المتوسطة أو القليلة هم أكثر من يحدثنا عن معاناتهم في المراجعات والذهاب من وإلى المستشفيات الحكومية هذا أيضا بجانب الحالات الطارئة التي تستدعي تدخلا سريعا في بعض الحالات والتي تكون بعيدة عن التغطية الصحية اللازمة وهذا جميعه يعود لندرة الكادر الطبي أوالإنشاءات التخصصية في مناطق المملكة, رغم ذلك فإن البحث عن مشروع التأمين الطبي الشامل على المواطنين والمقيمين في المملكة العربية السعودية لا زال محل نقاش وبحث وحتى أمل لعله يكون سبب في زيادة التغطية العلاجية لقاطني البلاد.
انتظار التأمين الطبي الشامل سيكون سلاحا ذا حدين بالنسبة لوزارة الصحة السعودية ففي ظل التوجه نحو الخصخصة للقطاع كاملا أو فصل المستشفيات عن وزارة الصحة فهذا سيكون إما مصدر دخل إضافي وموارد دخل إضافية للمستشفيات التابعة للصحة وبالتالي يعطيها قدرة أكبر على البناء والتوسع في مناطق المملكة وزيادة الطاقة الاستيعابية السريرية لها في أرجاء البلاد أو سيكون مصدر للتزاحم الإضافي وإطالة فترة الانتظار لدى المرضى عن وضعها الآن فإذا تم اختيار التأمين الشامل على المواطنين فإن الأولى أن توجه الإيرادات التأمينية مباشرة إلى الإنشاءات والتوسعات في مناطق المملكة الأقل من حيث التعداد السكاني بدلا من الاستمرار في توسعات المستشفيات داخل المناطق المزدحمة, أو أن تتجه الحكومة إلى تأجيل مشروع التأمين حتى تنتهي من إنشاء مدنها الطبية ومستشفياتها الحكومية لترتفع مستوى التغطية السريرية إلى ما يتجاوز المتوسط العالمي وبالتالي نتفادى زيادة الضغط على هذه المستشفيات خصوصا وأنها تحظى بالنصيب الأكبر من الثقة لدى المواطنين والمقيمين.