نعلمُ جيداً أنَّ القراءة لها أثرٌ في شحذ الهمم وتقوية العزائم وصقل التجارب وتنوير العقول، فالقراءة هي أداة لفتح العلوم والمعارف وصقلها، فهي تُغذي الروح كما يُغذي الطعام والشراب البدن.
ويكفي تأكيداً على أهميتها أنها أول ما أُمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأول ما أُنزل عليه من القُرآن الكريم قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}. العلق 1-4.
وتتجلى أهمية القراءة في كثرة تأليف الكُتب قديماً، وذلك لحرص الناس وانكبابهم على تلك المؤلفات وهو ما ساعدهم على مطالعتهم لها، وفيها ترويح للنفس وملء الفراغ بما ينفع، وبالقراءة تُزول فوارق الزمان والمكان ويجولُ القارئ بفكره وعلمه على أخبار الأمم قديماً وحديثاً وأسوق للقارئ بعضاً من الفوائد الصحية التي يَجِدُها الإنسان أثناء مُطالعته لها فهي تُنشط الذاكرة وتُقويها، ومن داوم عليها حَفظت له صحته الجسدية وقَلَّت الأمراض لديه -بإذن الله- وهو ما أكدته دراسة أُجريت في جامعة بنسلفانيا الأمريكية على قُرابة 1800 شخص وقُسِّموا إلى مجموعتين مجموعة حافظت على القراءة بصورة منتظمة وتمَّ عمل فحص طبي شامل لهم بعد عام وتبيّن أنهم كانوا أكثرَ صحةً من الذين لم يقرءوا حيثُ عانَوا من عدّة أمراض، وهذا أخي القارئ مُجرب لدى من يغوص في غِمار القراءة ويستمعُ بها، فلا نستغربُ ذلك.
ومن فوائدها أيضاً أنها تُساعدكُ على النوم الهادئ، وتُخلِّصُ من الأرق فقراءة بعض صفحات من كتاب قبل النوم إحساس ممتع يمنح الجسم والعقل هدوءاً وصفاءً ذهنياً.
ثانياً: بعض ما قيل عن الكتاب في الأدب العربي شعراً ونثراً:
ففي الشعر نستقي الآتي:
قال أبو الطيب المُتنبي:
أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنى سَرجُ سَابحٍ
وخَيرُ جَليسٍ في الزمانِ كتابُ
وقال أمير الشُعراء أحمد شوقي:
أنا من بَدَّلَ بالكُتبِ الصحابا
ولم أجدْ لي وافياً إلا الكتابا
وفي النثرِ مما قيلَ وتُستطابُ به النفسُ قيل للمأمون (عبدالله بن هارون الرشيد) ما ألذُ الأشياء قال التنزه في عقول الناس «يعني القراءة في الكُتب».
وقال الجاحظ (أبو عثمان عمر بن بحر الكناني البصري) وقد عُرِفَ شَغَفُه بالقراءة فقال:
يذهبُ الحكيمَ وتبقى كُتُبه، ويذهبُ العقلَ ويبقى أثره.
وأيضاً مما قيل نثراً في أقوال الفلاسفة وذكرتُها استئناساً بها:
قيل لأرسطو (فيلسوف يوناني): كيف تحكمُ على إنسان؟
فأجابَ: أسأله كم كتاباً يقرأ وماذا يقرأ.
وقال جان بول سارتر (فيلسوف فرنسي):
إن الكتاب وهو مُلقى على الرف أشبهُ بالجسم الميت تدبُ فيه الحياة إذا ما امتدت إليه يدُ القارئ.
والأقوالَ عن القراءة قديماً وحديثاً يكثُرْ، ومِمَّا سُقته قليلٌ من كثير.
أسأل الله أن يحفظ لنا قائد هذه البلاد المُباركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وأن ينصر به الإسلامَ والمُسلمين، ويوفق نائبيه إلى كُل خير، ويحفظ هذا الشعبَ وجنوده البواسل في كل مكان.