نجيب الخنيزي
جاء في ختام تصدير المدير الإقليمي لتقرير التنمية العربية الإنسانية، إن التركيز على تحقيق أمن الدولة من دون إيلاء أمن الإنسان الاهتمام المطلوب قد عاد بنتائج أقل من مرضية للدولة وللمواطن على حد سواء، وعلى المدى الطويل إن الحكومة التي تبحث عن ترسيخ أمن الدولة من دون أن تستثمر في أمن الإنسان هي حكومة لا تحقق أيا منهما، إن أمن الإنسان وأمن الدولة وجهان لعملة واحدة. حذر تقرير التنمية الإنسانية العربية من خطورة الضغوط السكانية (الديموغرافية) في البلدان العربية، ووفقا لإحصائيات دولية وإقليمية فإن البلدان العربية ستضم 395 مليون نسمة بحلول العام 2015 (مقارنة بـ 317 مليونا في العام 2007 و150 مليونا في العام 1980) وفي حين كان 38% من السكان الحضر في العام 1970 ارتفعت هذه النسبة إلى 55% في العام 2005 وقد تتجاوز 60% بحلول العام ,2020 كما يتسم الطابع الديموغرافي للسكان بغلبة نسبة الشباب حيث لا يتعدى نحو 60% من السكان الخامسة والعشرين من العمر، مما يجعل المنطقة العربية في مقدمة بقاع العالم على هذا الصعيد. في المقابل تضمن التقرير أن هناك 65 مليون عربي يعيشون في حالة فقر، وإن عدد الجياع في المنطقة العربية يبلغ خمسة وعشرين مليونا ونصف المليون أي نحو 10% من إجمالي عدد السكان. البطالة عدت في التقرير من «المصادر الرئيسية لانعدام الأمن الاقتصادي في معظم البلدان العربية» وحسب بيانات منظمة العمل العربية (2008) كان المعدل الإجمالي لنسبة البطالة في البلدان العربية أكثر من 14% من اليد العاملة (أكثر من 17 مليون عاطل) مقارنة بـ 3.6 % في ذلك الوقت على الصعيد العالمي.
هذه المشكلة معرضة للتفاقم على نحو أشد مستقبلا، لأن اتجاهات البطالة ومعدلات نمو السكان تشير إلى أن الدول العربية «ستحتاج بحلول العام 2020 إلى 51 مليون فرصة عمل جديدة». نستذكر هنا التقرير الذي حمل عنوان «التشغيل والبطالة في البلدان العربية.. التحدي والمواجهة» وقدمه المدير السابق لمنظمة العمل العربية أحمد لقمان في الدورة الخامس والثلاثين لمؤتمر العمل العربي وأشار فيه إلى حجم فرص العمل المطلوب استهدافه من التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العقد المقبل، موضحاً أن القوى العاملة العربية «تنمو بمعدل يفوق 3% سنوياً أسرع من معدل نمو السكان البالغ 2% أو معدل نمو السكان في سن العمل 2.8%، ما يحتم إيجاد 3.9 مليون فرصة عمل جديدة سنوياً». وفي سياق متصل أكدت المنظمة العربية للتربية والثقافة أن عدد الأميين العرب بلغ أكثر من 70 مليون (ثلثاهما من النساء) أمي في العام 2005 وبنسبة تتجاوز 35% وهو ما يساوي ضعف معدل الأمية في العالم. بطبيعة الحال فإن المعطيات والوقائع الراهنة المتعلقة بالمجتمعات العربية في هذا الزمن الكالح أكثر قتامة وسوداوية.
للحديث صلة