ناهد باشطح
فاصلة:
(طيلة مكوثي في أمريكا لم أسمع أحدًا يتفوه بدعوى حب الوطن أو وجوب التضحية في سبيله؛ إنهم ينسون الوطن في أقوالهم، ويخدمونه في أفعالهم)
(د. علي الوردي)
الحملة الوطنية (إحنا أهل) التي أطلقها فريق من لجان التنمية الاجتماعية بالمنطقة الشرقية برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز أمير المنطقة هي حملة تنويرية لتفكيك القيم الإقصائية، وتعزيز قيم التعايش والتسامح في وطننا.
وبرأيي، إن بمثل أهمية التركيز على تبني الشباب قيم السلام فإن جيلاً سابقًا تبرمج على ثقافة الإقصاء بحاجة إلى تغيير قناعاته.
كنت من هذا الجيل، وما زلت أذكر القناعات التي كنت أسمعها عن إخواننا الشيعة، ولم أكن يومًا أقتنع بها، ولطالما صادقت المختلفين عن ديني، فكيف بمختلف عن مذهب وهو ابن بلدي؟
المؤسف أنه ما زال من جيلنا هذا من يخفي الطائفية، لكنها تظهر في لحظات انفعاله. والمؤسف أكثر أن يكون على درجة عالية من التعليم. والكارثة أن تكون أمًّا تربي أطفالها على هذا الإقصاء!!
حملة (إحنا أهل) مدتها أربعة أسابيع. والذي أراه أن تكون مستمرة؛ لأنه لا يمكن لهذه الفترة الزمنية القصيرة أن تغير قناعات الأفراد الذين ما زال لديهم إقصاء للآخر والمختلف واعتداد مزيف بالأنا.
وسائل الإعلام عليها مسؤولية كبيرة أن تتبنى هذا الهدف بشكل احترافي مهني بعيدًا عن الشعارات المكررة والأعمال التقليدية؛ لأنها تخاطب جمهورًا متعدد الأعمار مختلف القناعات والأفكار، وحتى المثقفون - للأسف - ظهرت فيهم الطائفية والعنصرية، وقد فضحها تويتر ونقاشات مجموعات الواتساب.
إذن، فالقضية ممتدة جذورها عبر عشرات السنين، وإن سلمنا من برمجة الأسرة فقد كانت تلك الأفكار الإقصائية في المناهج وفي تعاملاتنا مع الأصدقاء.
الإشكالية في أن كل طائفة تبرمجت على رفض الطائفة الأخرى بمعلومات عنها لم تتحقق من صحتها أولاً، ثم إن قبول الآخر لا يعني أن تفعل مثله، فقط احترم اختلافه.
مثلما علينا أن نهتم بالشباب الذين وصلوا إلى مرحلة العنف في رفض الآخر علينا أن نهتم بالنساء الأمهات اللواتي رغم كل ما شهدته بلادنا من أحداث مؤلمة، ضاع فيها شبابنا، إلا أنك ما زلت تسمع من يقصي الطائفة التي يختلف عنها، ويجرمها، ويورد أدلة دينية غير صحيحة؛ ليثبت جرائمها.
نحن بحاجة إلى نفض سنوات طويلة، وإعادة برمجة جيل مضى؛ لأنه ما زال قادرًا على التأثير في وسائل الإعلام الجديد بعدما بدأ الإعلام الرسمي لدينا بالعمل بجدية تجاه محاربة الطائفية.
جيل الشباب هو نتاج جيل لم يفقد تأثيره؛ إذ لا يمكن لأي عامل مؤثر أن يصنع إقصائيًّا ما لم يكن قد تغذى في طفولته عبر أسرته ومدرسته ومسجده بقيم تولد فيه الرغبة في إقصاء الآخر المختلف.
اللهم احمِ وطننا بإشاعة السلام فيه؛ لأنه يستحق، ولأننا نستحق الحياة.