«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
من ضمن تسويقه لنفسه في الانتخابات الأمريكية الحالية دعا المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية دونالد ترامب ومن تصريحاته المثيرة للجدل.
دعا إلى بناء جدار عازل لوقف تدفّق اللاجئين اقتداء بـ»سور الصين العظيم».
ومنها برزت فكرة هذه (الإطلالة) لهذا اليوم عن الأسوار وكيف باتت في العقود الأخيرة وعلى الأخص في بلادنا وغير بلادنا تجارة رابحة فإنشاء الأسوار (السياجات) قديم قدم التاريخ نفسه وجميعنا يعلم أو سمع عن سور الصين العظيم الذي اعتبر من عجائب الدنيا.. وبلادنا زاخرة بالأسوار والسياجات فالعديد من مدننا القديمة كالأحساء وجدة والمدينة المنورة وبعدها الرياض كانت محاطة بالأسوار والبوابات وبعدها انتقلت الأسوار إلى القصور والفلل والبيوت وباتت في كل مكان.. في البيوت الصغيرة.. والمباني.. والمدارس.. والمزارع.. ولاشك أن لوجودها ضرورة لا تخفى على أحد الا وهي الحماية والمحافظة على الأملاك.. إضافة إلى فوائدها الأخرى والتي من أهمها الأمن وتحديد الملكية الشخصية لهذا المبنى أو ذاك.. ولقد قرأت قبل سنوات في إحدى المجلات أن السياسيين الأمريكيين يقضون وقتا طويلا في اصلاح سياجاتهم وعلاقاتهم.
أي في ترميم التآلف بينهم وبين خصومهم القدامى وحين يعتمد هذا المسئول أو رجل الاقتصاد على سياج ما فهذا يعنى رفضه اتخاذ موقف محدد من أي قضية.. وهكذا نجد أن الأسوار والسياجات التي تسور الحقول والقصور والأملاك الأمريكية دخلت القاموس كتعبير اصطلاحي ودخلت الحضارة كتقليد.. كما دخلت في السنوات الأخيرة تجارة تصنيع وإنتاج الأسوار الجاهزة.. الإسمنتية.. والحديدية.. والخشبية مجال التجارة من بابها الواسع فتأسست شركات ومصانع تقوم نشاطاتها وفعالياتها في تصنيع وإقامة وتنفيذ هذه الأسوار وبمليارات الدولارات.. والأسوار قد تكون كبيرة في الحجم مرتفعة شامخة مثل أسوار بيوتنا وقصورنا.. وتتنوع أشكال الأسوار بدءا من الطينية والصخرية في الماضي مرورا بالإسمنتية والحديدية وحتى الرخامية والسلكية البسيطة.
أو أسوار من سعف النخيل ( الخوص ) كما في أسوار المزارع وسياجاتها.. أو تكون أسوار متحركة قابلة للحمل والنقل بسرعة وفي وقت قصير كما في الحواجز الأسمنتية المنتشرة حول بعض المباني هنا أو هناك.. ولقد كلف السور الإسرائيلي ملايين الدولارات التي صرفها النظام الإسرائيلي على سوره الذي اخترق الأراضي الفلسطينية كما فعل سور برلين فيما مضىن زمن وكما يفعل السور ما بين كوريات الجنوبية والشمالية.. واليوم نجد العديد من الشركات تعلن عن إنتاجها وحتى ما تستورده من دول العالم من الأسوار الجاهزة والتي تأخذ أشكالا وأنواعا حسب رغبة الزبون.. وجميعها يهدف إلى توفير الحماية والجمال للبيوت او المباني او المنشئات.. ونجد ظاهرة تجديد أسوار بعض المنشآت بصورة تكاد تكون متكررة بين بضع سنوات.. هذا يعتبر هدراً مالياً كبيراً.
فيهدم السور الذي كلف عشرات الملايين ليحمل من جديد الشعار الجديد. فمرة الشعار مطبوع. ومرة مرسوم ومرة أخرى بارز.. وهكذا.. ونجد ان بعض الأسوار رغم جمالها وحسن تنفيذها إذا هي تشوه بإضافات وسواتر خشبية أو حديدية من باب الاحتياط حتى لا يشاهد الجيران داخل هذا القصر أو ذاك البيت.. وماذا بعد كل واحد حر في سوره..؟!