الدمام - فايز المزروعي:
صعدت أسعار النفط في التعاملات الآسيوية أمس دافعة عقود خام برنت لتتخطى50 دولاراً للبرميل، بعد أن أظهرت بيانات حكومية أن مخزونات الخام الأمريكية سجلت هبوطاً أكبر بكثير من المتوقع الأسبوع الماضي.
وكانت «الجزيرة» قد نشرت في 23 فبراير الماضي تقريراً خاصاً بها من مركز السياسات النفطية والتوقعات الإستراتيجية توقع وصول أسعار النفط إلى 50 دولاراً للبرميل منتصف 2016م، وكانت الأسعار حينها في حدود 27 دولاراً للبرميل، ومعظم توقعات المحللين كانت تشير إلى هبوط الأسعار إلى مستوى 20 دولاراً للبرميل، حيث ارتفعت عقود برنت لأقرب استحقاق أمس 34 سنتاً ووصلها إلى 50.08 دولار بعد أن أنهت الجلسة السابقة على مكاسب بلغت 1.13 دولار، كما صعدت عقود الخام الأمريكي 32 سنتاً ووصلت إلى 49.88 دولار للبرميل، كما لقي النفط دعماً أيضاً من صعود الأسهم العالمية، لكن المكاسب يقيدها بقاء الدولار الأمريكي قرب أعلى مستوى في 8 أسابيع أمام سلة من العملات الرئيسة.
وفي هذا الصدد، قال رئيس مركز السياسات النفطية والتوقعات الإستراتيجية الدكتور راشد أبانمي لـ»الجزيرة» إن أسعار النفط ما زالت في تذبذب واضح، ولكنه نحو الإيجاب، وسنرى ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار، خصوصاً بعد منتصف وعند نهاية العام الجاري. وبين أن الاجتماع المقبل بين منتجي أوبك ومن خارجها للسيطرة على فائض المعروض سيعطي جرعة إيجابية لتعافي السوق، خصوصاً إذا لاح في الأفق اتفاق بين قيادتي أكبر منتجين للنفط في العالم وهما السعودية من منظمة أوبك وروسيا أكبر مصدر للنفط من خارج المنظمة على تخفيض الإنتاج، حيث إن ذلك سيؤثر حتماً بالإيجاب على الأسعار الحالية واستمرار ارتفاعها، إضافة إلى إحداث استقرار نوعي للأسعار خلال الفترة المقبلة.
توقعات بالتزام إيران والعراق
وتوقع أبانمي أن يشهد الاجتماع التزام إيران والعراق بتخفيض الإنتاج في حالة تم الاتفاق على تخفيضه تحت مظلة «أوبك» لكونهما ستستفيدان من هذا الاتفاق في تحسن الأسعار، إذ تحتاج إيران إلى إعادة تأهيل حقولها التي تم إغلاق بعضها عند العقوبات السابقة، ومعالجة اقتصادها المنهار، وكذلك العراق التي تحتاج إلى إعادة الإعمار وتعويض فترة بقائها خارج أوبك.
وتابع أبانمي: «العبرة ليست في صواب توقعات الأسعار التي هي بالطبع مؤشر مهم بصحة التحليل، وإنما الأهم هو استيعاب مدلولات الأحداث والوقائع، وتطلعات اللاعبين الرئيسين ومواقفهم السياسية والاقتصادية والعسكرية والنزاعات والأحداث المصيرية التي تتجاذب اللاعبين الأساسيين، فالتعامل مع سلعة إستراتيجية كالنفط يجب أن ينطلق من نظرة تحليلية واعية غير مختلة أو مرتبكة من بعض الظروف العرضية الهامشية، حيث كانت اجتماعات اللاعبين الأساسيين لأسواق النفط في الماضي مؤشراً إيجابياً للأسواق النفطية بالارتفاع الحذر، التي من الممكن أن نشهد معها مستويات ارتفاع جديدة والتي قد تصل إلى مستويات لم يشهدها العام الجاري.
وأضاف ابانمي: ينطلق تحليل بعض المحللين الاقتصاديين على أكثر النماذج الأساسية أهمية في نظريات الاقتصاديات الصغرى وهي التوازن الجزئي بين العرض والطلب، أي النموذج الذي يحاول وصف وتوضيح وتوقع تغير سعر وكمية السلع المباعة في الأسواق التنافسية، وبالرغم من أن نظرية العرض والطلب مهمة لفهم كثير من المدارس الاقتصادية لآلية اقتصاد السوق وتفسير الآلية التي يتم بها تخصيص المصادر واتخاذ القرارات إلى حد ما، إلا أن هذا النموذج يعمل بشكل جيد في الحالات البسيطة غير المعقدة، نظراً لأنه يقوم فقط بتقريب وصف السوق التنافسية بشكل غير كامل، فنظرية العرض والطلب تفترض عادة بأن الأسواق تنافسية بشكل كامل ومثالي، أي أن هناك مشترين وباعة في السوق وليس لأحد منهم القدرة على التأثير على السعر، وتأسيساً على ذلك فالفرضية تلك تفشل في كثير من الأحيان، وغالباً ما يستخدم تحليل متطور لفهم معادلة العرض والطلب للبضاعة، وبالتأكيد أن تلك النظرية تفشل أيضاً في فهم السوق النفطية، فالعلاقة بين سعر النفط والطلب معقدة جداً وتتفاعل مع عناصر كثيرة، يستحيل التنبؤ بحدوثها، فهنالك عوامل كثيرة ومتشابكة تؤثر في تقديرات العرض والطلب المستقبلي والأسعار، وبالرغم من صعوبة تحديد الأسعار، إلا أن الاتجاهات المتوقعة لأسعار النفط في 2016م هي في اتجاه الارتفاع».