( أنتن يا الستات بتكون الحياة معكن جنة وبستان ورود إذا بتريدوا وجهنم ما تنطاق إذا حبيتوا تعملوها خرابه ) باللهجة اللبنانية ومن منطقة دير القمر خرجت هذه الكلمات من قلب موسى عبدالحكيم المعماري قبل لسانه وهو يخاطبني عام 2004 بعدما أنهيت زيارتي لقصره البديع الذي قضى 60 عاماً من عمره في تشييده وجلست جانباً معه مذهولة كغيري من حقيقة ما رأيت.
قصر أو قلعة موسى الذي يعتبر الآن من معالم السياحة اللبنانية هو نتيجة تحدي فتاة أحلامه الغنية التي هزأت منه عندما همس لها بحبه وطالبته أن يبني لها قصرا كالذي تسكن فيه، ولاستهزاء معلمه به وهو يرسم قصر محبوبته على الورق.
قلعة موسى المعماري تعتبر نموذجاً حياً على قدرة الإنسان على التحدي والوصول لهدفه حتى وإن لم تكتمل صورة الحلم باجتماع جميع أطرافه وأن الشخص الذي يريد بعمق قادر على حفر الصخور وتشكيلها.
كان السؤال الذي يدور في ذهني وما زال عندما كان السيد موسى يرفع يديه ويحركهما وهو يحدثني بملامح كستها التجاعيد ولكنها كانت تنطق بالصبر أننا كبشر نمتلك من القدرة أكثر مما نعلم ولكننا نحتاج لدافع واحد فقط يكون هو ما يتوارى في باطننا ولا يظهر إلا عندما يستثار كل شعور فينا ويكسر لنا خاطرا لنبني بدله ألف خاطر وخاطر. القوة التي تبني الإنسان هي تلك التي تشير بوصلتها إلى اتجاه الحلم وتحدها بقية الاتجاهات بعزيمة البناء لنكون بعدها في حدود حقيقة واحدة وهي أننا قادرون. ماريا او (مريم) السيدة التي وقفت مع موسى المعماري وتزوجته لتكمل الحلم معه هي في حقيقتها واقعه الذي كان يسير إليه دون أن يعلم لأننا كبشر نرسم أقدارنا كما تهوى قلوبنا ولكن الحياة تعيد تشكيلها لتنتصر لنا في النهاية حتى وأن كرهنا البدايات. اثني عشر عاماً مضت ولكن ما زالت كلمات وصبر وعزيمة موسى المعماري تطل علي كلما هزمت..!
- بدرية الشمري