جاسر عبدالعزيز الجاسر
استبشر المواطنون كثيراً بتعيين الدكتور توفيق الربيعة وزيراً للصحة بعد الإنجازات التي لا تعد والتي حققها في وزارة التجارة والصناعة قبل أن يعاد تشكيلها، فالرجل له سجل حافل بالعمل المثمر والذي حقق الكثير من النجاحات التي انعكست إيجابياً على منظومة العمل التجاري في المملكة عامة، وخاصة في تحديد مسؤوليات رجال الأعمال والتجار بصفة خاصة، وحماية المواطن من أي استغلال، ولعل معالجته وتصفيته للمساهمات المتعثرة وإعادة الحقوق للمواطنين المساهمين وتمكينهم من إعادة أموالهم التي ساهموا بها إضافة إلى الأرباح المستحقة عملٌ لا يمكن نكرانه وتجاهله.
أيضاً د. توفيق الربيعة طوال فترة عمله وزيراً للتجارة والصناعة كان نصيراً للمواطن مستهلكاً وتاجراً ومصنعاً، الجميع حظي بمؤازرته ومساعدته، واستطاع أن ينتزع للمواطن حقوقه من حيث تحسين جودة السلع التي تباع له وحَفِظَ للمستهلك حقوقَه بالحصول على الخدمة الجيدة لما بعد البيع، وشاهدنا في عهد توفيق الربيعة تعريفاً بالشركات المصنعة التي لا تفي بالتزاماتها واستجابتها لطلبات الوزارة بإصلاح الأعطال الفنية والتصنيعية والإعلان عن ذلك في الصحف، بالإضافة إلى التشهير بالمخالفات التجارية، وإصدار الشيكات بدون أرصدة كل هذا العمل المثمر الذي يحسب للدكتور توفيق الربيعة عزّز ثقة القيادة به، وتكليفه بوزارة ظلّت ولفترة طويلة عصيَّة على المعالجة رغم كل ما يقدم للوزراء من دعم وأموال إلا أن الخدمة الصحية ظلّت دون طموحات القيادة وآمال المواطنين.
الآن الوزارة العصية، وزارة الصحة أنيطت إلى الرجل الذي تُعلِّق عليه القيادةُ آمالها بتحقيق ما تسعى إليه من تحقيق آمال المواطنين.
المشاكل كثيرة وعديدة، ولا يمكن لنا كمواطنين أن نطلب من الوزير أن يعالج كل ذلك وهو لم يتسنَّ له دراستها ووضع الحلول لها، فأمامه وقت حتى يدرسها ويتقصى أسباب الفشل سابقاً في معالجتها، ولكننا ككُتَّاب وقبل ذلك مواطنين نضيء أمامه إضاءات بأمل أن تنير الطريق له، وتساعده على أداء مهمته التي يتمنى الجميع أن ينجح فيها.
هدف وزارة الصحة هو الارتقاء بالخدمات الصحية وجعل المواطن مطمئناً على تلقي العلاج وأن يحظى بخدمات ترتقي إلى مستوى الدولة التي يعيش فيها، والمملكة والحمد لله من الدول المتقدمة والتي تصنف كواحدة من الدول التي يعيش فيها المواطن مرتاحاً لما يقدم له من خدمات اجتماعية ومعيشية، إلا أن هناك تدنِّياً في الخدمات الصحية، إذ لا يحظى المواطن بخدمات يحصل عليها الوافد، والذين يحظون بخدمات صحية جيدة بعد أن فرضت الدولة على من يستقدم الوافدين تأميناً صحياً إجبارياً، وهو حق تشكر عليه الدولة، ولكن أين المواطنين من ذلك، فإذا استثنينا العسكريين ورجال الأمن وبعض الشركات والمؤسسات التي توفر التأمين الطبي لمنسوبيها، أين باقي المواطنين والذين لا يجدون الخدمة الطبية المناسبة، إذ عليهم أن ينتظروا أشهراً للحصول على موعد لمقابلة الطبيب، أو يذهبوا للمستشفيات الخاصة التي يطغى على عملها الكسب التجاري بدون أي رحمة، وهو ما يفرض على الوزير الجديد أن يدرس فائدة تطبيق التأمين الطبي الشامل على جميع المواطنين، وخصخصة المستشفيات وتفرغ وزارة الصحة ومديرياتها في المناطق والمحافظات لمراقبة ومتابعة ما يقدم من خدمات صحية للمواطنين والوافدين معاً.
هناك دراسة سابقة لدى وزارة الصحة عُمِلَت في عهد الدكتور حمد المانع والتي تشير إلى أن الوزارة يمكنها أن تقدم خدمات صحية وطبية متميزة وبتكاليف أقل مما يصرف الآن إذا ما طبق التأمين الطبي الشامل مع خصخصة المؤسسات الصحية، لينفض د. توفيق الربيعة الغبار عن هذه الدراسة ويطبق ما يتلاءم مع رؤية المملكة 2030 بعد أن يطور مخرجاتها وهو القادر إن شاء الله على ذلك.