(ميل أند جارديان) - جنوب إفريقيا:
ستختار الأمم المتحدة خلال العام الحالي أميناً عاماً جديداً خلفاً للأمين العام الحالي بان كي مون الذي يقترب من استكمال فترتي عمله على رأس المنظمة الدولية. ولأول مرة لن تنفرد الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي بعملية الاختيار خلف الأبواب المغلقة.
فقد استمعت المنظمة الدولية أخيراً لأصوات المجتمع المدني التي تطالب بضرورة اختيار رئيس المنظمة الأهم في العالم من خلال عملية معلنة ومفتوحة للجميع. ويواجه المرشحون للمنصب الأممي أسئلة من جانب الدول الأعضاء ومنظمات المجتمع المدني في جلسات استماع غير مسبوقة تعقدها الجمعية العامة للأمم المتحدة في مقرها بنيويورك قبل اختيار المرشح الفائز.
ويعد التخلي عن الطريقة السرية في اختيار الأمين العام للأمم المتحدة خطوة جيدة نحو الأمام، لكن ما زال هناك الكثير من الخطوات المطلوبة لكي تصبح المنظمة الأممية أكثر ديمقراطية.
مجلس الأمن الدولي يعد هو أهم تشكيلات الأمم المتحدة ويجب أن يكون أكثر تمثيلاً لمختلف أقاليم العالم. فعلى سبيل المثال يجب أن تحصل قارة إفريقيا على مقعدين دائمين في المجلس. لكن إصلاح مجلس الأمن لا يجب أن يكون نهاية المطاف في رحلة إصلاح الأمم المتحدة ككل، وإنما سيكون بداية لعملية إصلاح أوسع.
يضم مجلس الأمن حالياً 15 دولة منها 5 دائمة العضوية وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وتمتلك حق النقض (الفيتو) على أي قرار، في حين أن الدول العشر غير دائمة العضوية في المجلس لا تمتلك هذا الحق وتستمر عضويتها عامين فقط.
ورغم التحديات التي تواجهه فإن الاتحاد الإفريقي قدّم درساً مهماً. فعندما تأسس الاتحاد في 2002 كخليفة لمنظمة الوحدة الإفريقية، من أجل بدء مرحلة جديدة من التعاون داخل القارة السمراء، كان صوت وقيادة دولة جنوب إفريقيا حيوياً. في ذلك الوقت، كان هناك إدراك لضرورة أن يكون الاتحاد الإفريقي الجديد أقرب إلى مواطني إفريقيا من سلفه منظمة الوحدة الإفريقية. لذلك تم الاتفاق على ضرورة وجود كيان برلماني ضمن تشكيلات الاتحاد وهو البرلمان الإفريقي الذي تأسس عام 2004 ومقره في ميدراند بجنوب إفريقيا، وهو أمر لم يكن ممكناً حدوثه بدون قيادة ودعم جنوب إفريقيا.
إذا كان من الممكن إنشاء كيان برلماني لضمان تعبير الاتحاد الإفريقي عن شعوب القارة بطريقة ديمقراطية، فإن المنطق نفسه ينطبق على العالم ككل، وبالتالي يصبح من المقبول المطالبة بإقامة كيان برلماني عالمي في إطار عملية الإصلاح الشامل للأمم المتحدة.
وسيكون لبرلمان الأمم المتحدة دوراً حيوياً في حماية حقوق الإنسان ودمج المؤسسات الديمقراطية وضمان القيادة الممثلة للشعوب وتشجيع الحكم الرشيد. وسيكون هذا الكيان النيابي المقترح إشارة إلى روح الشفافية والمحاسبة الديمقراطية. كما سيمثّل فجر عصر جديد للسياسات الإنسانية ويعطي مواطني العالم فرصة للتعبير عن نفسهم.
لقد تبنى البرلمان الإفريقي باعتباره صوت مواطني القارة الإفريقية بالفعل مقترح إنشاء برلمان دولي تابع للأمم المتحدة والذي بدأ الترويج له في حملة دولية منذ عام 2007. وربما كان مواطنو القارة الإفريقية يعرفون أكثر من أي إنسان آخر في العالم مدى الحاجة إلى أدوات أكثر ديمقراطية وأكثر قدرة على التعبير عن هموم المواطنين في حوكمة شؤون العالم.
كما أصبح هناك إدراك متزايد بأهمية هذه الفكرة لدى المجتمع الدولي. قرارات الأمم المتحدة التي أيّدتها جنوب إفريقيا تقول بوضوح إنه للإنسان «الحق في المشاركة على قدم المساواة وبدون أي تمييز في صناعة القرار على المستويين المحلي والعالمي». وقد حان الوقت لتنفيذ هذا الوعد وإعطاء هذا الحق لأصحابه.
بالتأكيد فإنشاء كيان تابع للأمم المتحدة وينتخب مواطنو العالم أعضاءه لن يكون الحل لكل مشكلات عالمنا، لكنه سيكون أداة لكي نقترب أكثر من حلول عالمية أكثر شمولية وتجاوبًا مع تطلعات الشعوب. وهذه هي القضية التي يجب على جنوب إفريقيا أن تظهر ريادتها الحقيقية فيها فيما يخص إصلاح الأمم المتحدة.
- ستيفنس موكجالابا وهيرنيش فولمينك