هي عروس الشمال.. مدينة التراث العربي.. منبع الجود والكرم.. جمالها يجعل العين عاجزة عن متابعته لكثرته وروعته.. ولا يملك الناظر حينها إلا أن يسبِّح الخالق على عظمته وإحكامه لهذا الإبداع الخلاب الذي يجعل العين شاردة فيه دون تفكير إلا فيمن أبدع وخلق ونسأ.
وأجمل ما يميز هذه المنطقة هي حب أبنائها لها؛ فلا تجد منطقة يتعصب لها أبناؤها ويحبونها كما لو كانت هي جزءًا من شخصيتهم، وهم قد أشبعوا من تراثها مثل جميع أبناء الشمال. ولعلي أذكر بهذه المناسبة المغفور له - بإذن الله - الشيخ علي الجميعة الذي قدم لحائل في حياته كل ما يملك من جهد ومال.
وحينما تجتمع بأبناء حائل تجد أمامك جمعًا متمثلاً لقول شاعر يعده نقاد الشعر ومحبوه من أجمل ما قيل في الشمال، وهو البيت الشعري الذي قيل فيه:
نادت شمالي جاوبوا المخاليق لبية
من زينها كل الخلايق من شمالي
ويستمر عطاء أبناء هذه المنطقة فنرى أمام أعيننا مثلاً حيًّا من أبناء هذه المنطقة، الذي قام مؤخرًا أمير منطقة حائل صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز بتكريمه على جهوده الإنسانية والخيّرة في دعم منطقة حائل في جميع المجالات المختلفة، وهو الشيخ الدكتور ناصر الرشيد، الذي قدم ما يزيد على مائتي مليون ريال دعمًا للمشاريع المختلفة في منطقة حائل، وكان للثقافة والمجتمع النصيب الأكبر من هذا الدعم السخي. ونحن من جانبنا نهنئه على هذا التكريم، وندعو له بالتوفيق وطول العمر.
إننا حينما نذكر حائل لا بد أن نعرج بالذكر على أميرها صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز الذي جعل من هذه المنطقة ميدانًا للإبداع الفكري والإنساني والثقافي بشكل عام؛ فهو صاحب رؤية حكيمة، ورؤية ثاقبة. وحائل تستحق، وسموه كان الرجل المناسب لهذه المنطقة التي تربط معاصرتنا بأصالتنا وتراثنا، وحاضرنا بماضينا، فهي العروس التي ما هرمت مع الدهر، بقدر ما كستها الأيام والسنون جمالاً فوق جمالها، فسبحان من أبدعها وصوَّرها.
وتزيد حائل بهاء حينما يقام الملتقى السنوي (ملتقى حاتم الطائي)، تلك اللوحة الفنية التي لا تستطيع يد إنسان رسمها؛ لأنه ملتقى الماضي بالحاضر، وملتقى تجديد العهد بالكرم، وارتباطه بهذه المنطقة، والملتقى الذي تبرز فيه كل السمات والمعاني الجميلة التي تميزت بها هذه المنطقة قبل الإسلام وبعده.
إن من يقيمون هذا الملتقى يستحقون من الجميع الشكر والتقدير؛ فنشكر صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز، ونائبه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعد بن عبدالعزيز، وكل المسؤولين في المنطقة، وكل من يقوم ويدعم هذا الملتقى الذي صار عادة سنوية يميز حائل دون غيرها من المناطق.
ولَكَم وددت أن يتميز هذا الملتقى بأمر مهم، وأن تصبح هذه المنطقة داخلة في موسوعة جينيس للأرقام القياسية.. وكم حداني الشوق لتحقيق هذه الأمنية والفكرة، وأن تكون أول منطقة تدخل هذه الموسوعة من البوابة التي تميزت بها، وهي مدينة الجود والكرم، وذلك بإقامة أطول سفرة في العالم، تحمل اسم حاتم الطائي، تتزامن مع انعقاد هذا الملتقى الذي لا يكاد يُذكر إلا وذُكر الجود مقرونًا به، ولا تُذكر حائل إلا وذُكر مقرونًا بها، والقرين إلى المقارن ينسب.
وختامًا، فإن حائل تدهش زائرها، ويعجز الرائي لها عن وصفها؛ فجمالها أكبر من أن تضمه بعض الكلمات، أو تحتويه بعض العبارات. وما يدهشك أكثر حب أبنائها لها، وحبها لهم، فأبناء حائل هم وحدهم من يرون أنفسهم وُلدوا من أُمَّيْن مختلفين: الأم حائل؛ كونها جزءًا من الوطن السعودي الكبير، والأم التي ولدت. فحفظ الله المملكة وولاة أمرها، وأدام علينا نعمة الأمن والاستقرار والرخاء.
- رئيس لجنة المحامين بغرفة حائل