«الجزيرة» - وهيب الوهيبي:
شدد وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ على وجوب أن يكون الحج خالصًا لله تعالى، مؤكدًا أن دعوات إيران فيما يتعلق بالحج مرفوضة من قبل المسلمين كلهم، وقال: إن الواجب أن يتعاون الجميع؛ ليؤدي الناس الحج في أمن وأمان وطمأنينة.
جاء ذلك في سياق تصريح لمعالي الوزير الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ بعد تدشينه، البوابة الإلكترونية لوكالة الوزارة لشؤون المطبوعات والبحث العلمي، وعدد من الخدمات الإلكترونية الأخرى المتصلة بعمل الوكالة وأنشطتها المختلفة.
وأضاف: إن الإسلام جاء، وحج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وجعل الحج لله ـ جلً وعلاـ، وأبطل عليه ـ الصلاة والسلام ـ كل ما كانت تعمله الجاهلية في الحج، وكل أعمال الجاهلية في الحج مُبطلة، سواء من تسييس الحج لصالح فئة معينة، أو قبيلة معينة، أو تسييس الحج في ذلك الوقت لخدمة أفراد معينين، أو ما أشبه ذلك، فالحج لله، وكل عمل الجاهلية وضعه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في خطبة الوداع، حيث قال: (كل عمل الجاهلية موضوع)، فأي شعارات جاهلية، وضعها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وذلك تخليصًا للحج من أي اعتبارات بشرية، وجعله عبادة خالصة لله ـ جلً وعلا ـ، وهذا ما حصل في حجة الوداع، وحصل في كل الحجات التي حجها الخلفاء الراشدون، ثم المسلمون، إلى أن قامت ثورة إيران، ثورة الخميني في إيران، وأصبح الحج مقصدًا للتسييس، ولا شك أن أدلة القرآن والسنة تدل على وجوب أن يكون الحج لله ـ جلً وعلا ـ، {وأتموا الحج والعمرة لله} و(لله) معناها أن يكون خالصًا له دون أي فوائد أخرى سياسية لفئة معينة تُذهب الحج عن مقصوده، فالواجب أن يتعاون الجميع ليؤدي الناس الحج في أمن وأمان وطمأنينة، ثم يرجع كل إلى بلده.
وأبان معاليه أن إيران ومنذ أوائل الثورة، وليس من الآن، وهي تحاول دائمًا أن تحول الحج إلى سياسة، بدؤوا بالتجمهرات والمظاهرات، ورُد عليهم بقوة، ثم أظهروا شعار البراءة التي يزعمون أن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ حملها على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وهذا إشعار البراءة في ذلك إنما كان في حجة واحدة؛ لأنه لا يحج بعد العام مشرك، وليست البراءة كل سنة، مشيرًا إلى أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حج في العام العاشر، وفي العام التاسع لم يحج - عليه الصلاة والسلام ـ، فأعلنت البراءة؛ لئلا يحج مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مشرك، فحجة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانت لأهل الإسلام، ثم بعد حجة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ استمر الأمر إلى يومنا هذا، فإظهار براءة جديدة هذا من البدع المحدثة في الدين، الباطلة بالقرآن، والسنة، وعمل الخلفاء الراشدين، وعمل أئمة الإسلام؛ لذلك ما تقوم به إيران هو مصادمة ومضادة للعقيدة الإسلامية، ووحدة المسلمين التي يجب أن يُسعى فيها إلى أن يكون حجهم واحدًا، أما أن يكون حجهم متفرقًا، فهذا سعي في الفرقة، وهذا ما تسعى إليه إيران، تُظهر رغبتها في الوحدة، في شعارات في العالم الإسلامي، لكنها في الحقيقة هي تسعى لتفرقة المسلمين بعامة، وخصوصًا أهل السنة والجماعة، وبث الفرقة بينهم، وبث الزعزعة، وبث ما يعكر أمنهم النفسي، والديني، والعقدي، وأمنهم في بلادهم.
وجدد الشيخ آل الشيخ التأكيد على أن دعوات إيران فيما يتعلق بالحج مرفوضة من قبل المسلمين كلهم، وقال: قابلنا عددًا من علماء المسلمين، وجاءتنا برقيات، واتصالات كثيرة، كلها تندد، وترفض عمل إيران، مضيفًا أن المملكة تمد يدها بحسب طلب الإيرانيين، استجابت لبحث موضوع الحج، ثم عند البحث اشترطوا شروطًا مسيسة، وهذا لا شك أنه مرفوض، فالحج عبادة، والمملكة لا تمنع أحدًا أراد الحج أو العمرة، لكن لا بد أن يكون حجه وعمرته لله ـ جل وعلا ـ، غير مسيس، وغير خادم لأغراض فئات أو طوائف معينة.
وقال: إن إيران تسعى اليوم لبث الفرقة بين المسلمين، تأتي في كل بلد لا وجود للشيعة فيه، فتبدأ بنشر التشيع فيه، وهم يقولون: وحدة المسلمين!، إذا كان الهدف هو وحدة المسلمين، فلماذا تأتون إلى بلد لا يوجد فيه تشيع، وتغرسون فيه المذهب الشيعي، وتبدأون بخلايا شيعية تنشط ويكبر الوجود الشيعي في بعض البلاد مثل بعض بلاد إفريقيا، أو شرق آسيا، أو نحو ذلك، وهذا أدركه العالم الإسلامي، وأدركه علماء المسلمين، أن إيران تسعى لفرقة المسلمين، وليس لاجتماعهم، والمملكة العربية السعودية هي التي تحمل راية وحدة المسلمين؛ لأنها تريد تجميع المسلمين، وهذا واضح في صنيع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله- وسمو ولي عهده، وسمو ولي ولي عهده، فهم دائمًا في اتصالات مع المسلمين لجمع كلمتهم، ولجمع شملهم، ولاتحادهم وعدم وجود فرقة بينهم؛ إيران تسعى لفرقة المسلمين وبث الفرقة بينهم؛ إذًا أعمال إيران مرفوضة، ليست مرفوضة منا في المملكة العربية السعودية حكومة، وعلماء، وشعبًا، ولكن مرفوضة من العالم الإسلامي، فكثير من علماء المسلمين نددوا بذلك، ونشروه في إعلامهم، بحسب دولهم، وفي كتاباتهم، واتصل بنا الكثير يرفضون ما تقوم به إيران، ومستعدون للقيام بأي شيء تراه المملكة العربية السعودية للوقوف ضد أي فكرة تُسيس الحج، أو تُسيس المسلمين في موقفهم من مكة، والمدينة.
وردًا على سؤال قال الوزير الشيخ صالح آل الشيخ: إن وزارة الشؤون الإسلامية لديها اتصال بجميع الجمعيات، والمراكز الإسلامية في العالم، وبجميع علماء العالم الإسلامي، في مصر والأزهر، وفي تركيا، والمغرب، وباكستان، والهند، وإندونيسيا، وإفريقيا، في الجمهوريات، في جميع بقاع العالم الإسلامي، لدينا اتصال عميق بجميع العلماء، ومن ثم تتلقى الوزارة رغبة علماء المسلمين دائمًا في أن تنسق الجهود بينهم وبيننا في رد الهجمات الإيرانية، وتسييس إيران لقضايا المسلمين، ومحاولة إيران أضعاف السنة، وعلماء المسلمين علماء أهل السنة والجماعة مدركون تمام الإدراك الخطر الإيراني، ورغبة إيران في بث الإرهاب والفرقة بين المسلمين، وتفتيت مجتمعات أهل السنة والجماعة.
وأكَّد ـ في هذا الصدد ـ أن دور الوزارة الكبير اليوم هو التواصل مع علماء المسلمين، وأن نكون يدًا واحدة في مواجهة هذا التسييس، ومواجهة هذا الفكر الإفسادي الذي يريد إفساد ما بين المسلمين والفرقة بينهم، هذا من جهة التواصل، من جهة أخرى، هناك الكثير من الملتقيات، والمؤتمرات، والندوات، والإصدارات العلمية التي تقوم بها وزارة الشؤون الإسلامية بالتعاون مع الجمعيات، والمراكز الإسلامية في العالم، وعددها يفوق (150) من المراكز والجمعيات، ووزارة الشؤون الإسلامية استضافت عبر برنامج العمرة في الأشهر الستة الماضية (400) من علماء المسلمين المؤثرين؛ من المفتين، ورؤساء دور الفتوى، ورؤساء المراكز الإسلامية، والجمعيات الإسلامية، في مكة والمدينة، والتقيت بهم في مكة، وكان هناك الكثير من التنسيق في الجهود بيننا وبينهم، وأبدوا رغبتهم الكاملة في أن يهيئوا لتنسيق شامل بين المملكة ممثلة في وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد وبين تلك الجهات؛ لذلك الوزارة لديها برنامج للتواصل مع علماء المسلمين، برنامج نوعي للحج، وبرنامج نوعي للعمرة، هذا كله يهيئ لعلاقات هامة علمية مع النخب المؤثرة في الفتوى، والتوجيه الديني، والجامعات، والجمعيات، والمراكز الإسلامية؛ حتى تصل كلمة المملكة ورؤيتها إليهم، وحتى تصل إلينا رؤيتهم وما يريدون، ويكون بيننا تنسيق شامل، اليوم نضع أقدامنا أمام أول الطريق لتنسيق قوي شامل كبير مع علماء المسلمين في كل مكان، ولله الحمد.
وكان الوزير الشيخ صالح آل الشيخ قد قام ـ خلال زيارته لمقر وكالة المطبوعات، التي رافقه فيها نائب الوزير الدكتور توفيق بن عبد العزيز السديري ـ بافتتاح المكتبة الجديدة، وقاعة المحاضرات، كما دشن موقع مجلة (دراسات إسلامية) على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، وكرم الموظفين المتميزين بالوكالة.