«الجزيرة» - راكان المغيري:
حزم السعوديون حقائبهم استعدادا لقضاء إجازتهم الصيفية والتي قد تبدأ أول طلائعهم تتوافد للخارج بعد انقضاء شهر رمضان المبارك، بحثا عن الترفيه، في الوقت الذي لا تزال فيه هيئة الترفية السعودية. لم تطلق لا تصريح ولا حتى تلميح عن أولى برامجها أو دورها وما ستقدمه أو حتى أي جزء من خطتها.
الحديث عن هيئة الترفيه ملأ الدنيا وشغل الناس، المختصون ثمنوا الفكرة، واعتبروها خطوة كبرى في المسيرة التنموية تصب في جهات عدة، اقتصادية، ثقافية، واجتماعية. وتحدثوا عن العوائق التي تقف في طريق النهوض بهذا القطاع، مطالبين بالمرونة في التشريعات والقوانين، وضرورة الاستفادة من تجارب الدول التي من حولنا في هذا المجال، كما تناولوا قضايا السينما، المسرح، سياحة المؤتمرات، وغيرها.
أوضح رجل الأعمال رئيس مجلس إدارة مجموعة الحكير للسياحة والتنمية عبدالمحسن الحكير، أن إنشاء هيئة للترفيه سيعمل على فتح العديد من الوظائف أمام الشباب السعودي، حيث يوفر كل مليون ريال في سوق الترفيه 15 وظيفة، كما سيلعب الترفيه دوراً في خلق فرص عديدة أمام الراغبين في العمل وبالمقارنة مع سوق الصناعة، حيث إن كل مليون ريال مستثمر يخلق ثلاث وظائف فقط.
وبين الحكير أن المملكة بحاجة إلى الكثير من هذه المبادرات التي تنعكس على الوطن ورفاهية المواطن، وصناعة سوق تنافسية تسهم في تقدم البلد، متوقعاً أن يرتفع حجم الاستثمار في القطاع السياحي من 2 في المائة إلى 20 في المائة بحلول العام 2020، بما يتجاوز الهدف المنشود في رؤية المملكة 2030، وقال: متفائل جداً بالوصول إلى هذه النسبة الجيدة وبحلول 2030 سيتم تحقيق أهداف أكثر من المعلن عنها.
فتح الاستثمار
وطالب عبدالمحسن الحكير الهيئة الجديدة بفتح المجالات أمام الاستثمار والاستفادة من التجارب الدولية الجيدة في صناعة السوق، حيث يرى أنه يجب أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون لنكون سوقاً جاذباً للسياح من الخارج، خاصة وأن المملكة تملك المقومات المساعدة لجذب السياح، مشيراً إلى أنه يوجد في المملكة أكثر من 4000 متر من الشواطئ البحرية على البحر الأحمر غير مستثمرة و1000 متر أخرى على الخليج العربي ولكبر المساحة وتنوع طبيعتها فإنها تعد أحد أهم عوامل النجاح التي نراهن عليها، وستكون مصدر قوة لهذا السوق لتنوعها.
ولفت الحكير إلى أن إنشاء هيئة تهتم بالترفيه وتنمي موارده، حتما أنه سيسهم في تقليص عدد السياح السعوديين في الخارج وبالتالي التوفير من حجم إنفاقهم على السياحة الخارجية والتي تقدر بنحو 100 مليار سنوياً، وصرف جزء كبير منها داخل البلد.
800 ألف وظيفة
من جانب آخر تحدث محمد المعجل رئيس اللجنة السياحية في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، أن قطاع الترفيه والسياحة وفر أكثر من 800 ألف وظيفة خلال الأعوام الماضية، كما أن هناك فرصاً وظيفية كبيرة ستخلق بعد إنشاء هيئة الترفيه، إضافة إلى افتتاح مشروعات صغيرة كثيرة في المدن السعودية المختلفة.
وبيّن المعجل أن من أهم العوائق التي تواجه الترفيه والسياحة في السعودية هي التشريعات التي تقتل كل الفرص للنهوض بالقطاع، مطالباً هيئة الترفية بأهمية القضاء على تلك المعوقات، والتعامل بالمرونة مع المستثمرين من أجل النهوض بهذا القطاع بما يرتقي لتطلعات المستفيدين وتحقيق التقدم والنجاح.
السينما قادمة
وتطرق المعجل في حديثه عن الترفيه إلى أهمية وجود السينما، وهو غير مستبعد قدومها مع بدايات عمل الهيئة، وقال: «السينما قادمة لا محالة، خاصة وأن المسارح التي تحتوي على السينما موجودة حالياً، ولا ينقصنا إلا إنشاء دور سينما مختصة»، لكنه استدرك قائلاً: يجب تقنين تصاريحها وعدم فتحها للكثير من المنافسين، لأن صناعة السينما معقدة جداً ولا يسمح للتنافس فيها إلا لمن يقدم العمل الجيد والمتميز، كما أن فتحها للمنافسة قد يكبد خسائر كبيرة.
ويرى المعجل أن قطاع السياحة والترفيه يعد متكاملاً.. مطالباً بالتوجه لفتح سياحة المعارض والمؤتمرات بشكل أوسع وقال: غير مقبول أن عدد المعارض والمؤتمرات لا يتجاوز 300 في العام، مطالباً بإنشاء شركات سياحية تمنح لها تأشيرات الدخول ومتابعة الممنوحين حتى مغادرتهم البلاد أسوة بشركات الحج والعمرة.
أنظمة معقدة
ويؤكد فيصل عبدالله فؤاد رئيس مجلس إدارة شركة عبدالله فؤاد عضو لجنة التنمية السياحية في المنطقة الشرقية، أن إصدار التصاريح يعد أحد أبرز العوائق التي تواجه إقامة مهرجانات للترفية في السعودية، وعلى هيئة الترفيه أن تضع هذا الجانب ضمن أولوياتها، إضافة إلى أهمية السماح لمدن الألعاب الترفيهية بإقامة المسرحيات وتقديم عروض للسرك.
وقال فؤاد -وهو من أكبر المستثمرين في مدن الألعاب الترفيهية-: حالياً يوجد أنظمة معقده تحول دون إقامة مثل هذه الفعاليات.. وأضاف قائلاً: في حال أصبح هناك مرونة في التشريعات وأصبح هناك تنويع في الفعاليات حتماً سيتحقق رفع الصرف على هذا القطاع من 2 في المائة إلى 6 في المائة بحلول العام 2020، حيث إن المواطن يستهلك من دخله جزءاً كبيراً في السياحة والترفيه ويتم صرفه خارج البلد.
رزنامة ترفيهية
وفي السياق ذاته تحدث المهندس إبراهيم الهويمل -وهو مدير عام الحدائق في أمانة منطقة الرياض مدير فعاليات عيد الرياض- بالقول: إن الأمانة دخلت عضواً في لجان دراسة توجه الدولة في الترفية، وقد رشحت عدة مواقع في مدينة الرياض ليتم عمل أنشطة هيئة الترفية من خلالها.
وذكر الهويمل أنه لم يتم إجراء أي تنسيق حتى الآن بين الأمانة وهيئة الترفيه، لكنه أشار إلى أن أمانة منطقة الرياض لديها رزنامة للترفيه لهذا العام تضم 32 فاعلية، مشيراً إلى أن عملية تطوير الحدائق التي في الأحياء ساهم بشكل كبير في رفع نسبة الإقبال على الترفيه، وتم ارتيادها بشكل ملحوظ وعال، كما ارتفعت نسبة الرضا عند الجمهور بلغت 51 في المائة من خلال قياس ورصد ردة فعلهم عن فعاليات الترفيه التي تقيمها الهيئة، حيث تجاوز عدد الحضور مليون زائر في مهرجان الربيع الأخير، وهناك فعاليات حققت نجاحات كبيرة مثل المسرحيات وغيرها.
مسارح تجارية
كما التقينا بالملحن ومشغل المسارح خالد العليان، الذي طالب هيئة الترفية بالسماح لشركات المسارح بالتراخيص لإنشاء مسارح تجارية أسوة بالدول الخليجية والعربية وتفعيل دور المسرح بشكل أكبر.. وقال: لدينا تعطش كبير للمسرح ولدينا تجارب المسرح التجاري الذي استقطب فيه نجوم خليجيين ولابد أن تكون المسارح في جميع مدن المملكة دون قصرها على المدن الكبرى وترك الفرص للمواهب السعودية لتقديم ما لديهم.
ابتكار الأنشطة
في حين عول الفنان المسرحي الدكتور عبدالإله السناني، على هيئة الترفيه تنظيم قطاع الترفيه وإخراجه مما وصفه بـ»حالة التيه» إلى الرؤية الواضحة عبر العديد من السياسات، وفي مقدمتها استقبال طلبات المستثمرين الراغبين في إنشاء مراكز ترفيهيّة جديدة تنسجم مع توجهات الدولة دون أن تتعارض مع قيم المجتمع وعاداته وتقاليده، وتُعنى كذلك بمتابعة الأنشطة الترفيهيّة ومدى التزامها بالاشتراطات الموضوعة، إلى جانب تحويل القطاع الترفيهي إلى قطاع استثماري جاذب لرؤوس الأموال المحليّة والخارجيّة.
وأشار السناني إلى أن دور هيئة الترفيه يمتد إلى التنسّيق مع المؤسسات الحكومية والأهليّة لضمان توفير مراكز ترفيهيّة قريبة من الأماكن الحيويّة داخل المدن، حيث تخضع قوانينها عادة إلى المواءمة بين مراكز الترفيه والأحياء السكنيّة الجديد وفق تقنيات حديثة للحد من بعض السلبيات كالضوضاء والسلوكيّات الخاطئة والزحام المروري وغيرها. وقال: يجب إن ندرك أن الثقافة ارتقاءٌ بالفكر والسلوك ووسيلة إيجابية فعّالة لتوجيه المجتمع نحو التميّز وسبل التنمية.