م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - الدولة هي المحرك الأكبر للسوق السعودي.. فهي آلة مشتريات هائلة الحجم وتأثير تعاقداتها في السوق يتجاوز حدود التأثير على الدورة المالية إلى التنظيم وهيكلة السوق.. وحتى يكون للمشتريات الحكومية تأثير داعم لبرنامج التحول الوطني فيجب أن تُعَالَج ثغرات نظام مشتريات الحكومة.. فالمطَّلع على العقود الحكومية مثلاً سوف يجد أنها وُضعت من قِبَل مستشارين قانونيين هدفهم حماية أموال الدولة.. واستطاعوا فرض تلك العقود مدعومين بفارق الوزن الهائل بين كيان الدولة والمقاول.. وهذا سن بدوره تأثيرات سلبية على تعاقدات السوق الأخرى في القطاع الخاص.. فكلما اختلف الوزن النوعي بين الطرفين كلما زاد حضور عقود الإذعان بينهما.
2 - مشكلة تلك العقود أنها وضعت المقاول تحت التهديد لأنها غَلَّبت الاحتراز من المقاول أو المورد.. وانطلقت في التعامل معه على احتمالية أنه غير أمين.. وأنه إذا لم يتم تكبيله بتلك الشروط فسوف تضيع حقوق الدولة.. فتحولت روح التعاقد من صيغة التعاون والتكامل الكل فيها رابح إلى حالة من التوجس الذي ولد التوتر وخلق حالة لا بد فيها من طرف خاسر.. وحينها تكون الدولة قد خسرت مرتين.. والمشكلة الأخرى أن بعض أنظمة المشتريات الحكومية صيغت بهدف حماية الدولة من خطأ موظف الحكومة ذاته.. فيكون المقاول بذلك قد ذهب ضحية الاحتراز مرتين.
3 - أما أم المشاكل فهي أنه حتى شروط المنافسة على المشتريات ليست متكاملة الوصف ولا توضح الغاية.. فشروط المنافسة على شراء آلة هي نفسها شروط المنافسة على شراء أثاث أو خدمات أو استشارة أو إبداع.. شروط عامة وإن كانت أكثر اكتمالاً في عقود المقاولات التي تعتبر أقرب إلى العدل في المنافسة بسبب المشاريع العمرانية الواسعة التي تمت في الطفرة الأولى.. لكن كفاءة شروط المنافسات تتراجع قليلاً قليلاً في مدى تغطيتها حتى تنعدم عند شروط شراء الخدمات الإبداعية أو الفكرية أو الاستشارية التي ليس لدى الدولة شروط شراء لها بعد.. وهذا لا شك أحد معيقات التنمية الإبداعية والاستشارية في كل مجالاتها.. فكثير من المهن والخدمات يتم وأدها في مهدها نتيجة تلك العقود التي لا تعني للخدمة شيئاً.
4 - برنامج التحول الوطني يقوم على الشراكة المتكاملة والتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص.. لذلك فلا بد من إيجاد البيئة القانونية التي يعمل من خلالها القطاع الخاص مع الحكومة في (هارموني) وانسجام متواصل محكوم بنظام.. فالتنمية تحتاج إلى طرفين ولن تطير دون جناحين يخفقان معاً بتكامل وتعاون.. ويكون كلا الطرفين على ثقة من أن كليهما رابح.