الرياض - محمد السهلي:
بالرغم من أن تمويل الاستثمار المباشر في المنطقة قد يتضرر مع تقليص مستثمري القطاع الخاص الإنفاق بسبب الأوضاع الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط المعتمدة على النفط، إلا أنه بدا من الواضح أن هناك فئة من الصناديق الاستثمارية التي تعمل بصمت لاقتناص حصص في قطاعات آمنة ودفاعية مثل الاستثمار بصالات الألعاب الرياضية.
وتراقب الأسواق عن كثب تأثير هبوط أسعار النفط وبصفة خاصة على دول مجلس التعاون الخليجي الست المنتجة للخام حيث تواجه الحكومات عجزا في ميزانياتها مع تراجع الإيرادات وقيام صناديق الثروة السيادية -بعد أعوام من استثمار أموال نفطية ضخمة- بتبني استراتيجيات تهدف إلى إعادة تدوير رؤوس الأموال التي لديها.
وبينما لم يظهر بشكل واضح تأثير هذا الاتجاه على الثروات الخاصة تعتقد مجموعة أبراج -وهي إحدى أكبر شركات الاستثمار المباشر في الشرق الأوسط- أن القطاع ليس محصنا من تضرر المعنويات في المنطقة.
وقال مصطفى عبدالودود، في مقابلة مع قمة رويترز في مقر الشركة في دبي «تنويع مصادر التمويل مفيد حيث تأتي بعض المصادر وتذهب مثل المكاتب العائلية بناء على الأوضاع في السوق.
«بالنسبة لهذا الجزء من العالم ربما سنشهد بعض الحذر فيما يتعلق بالاستثمار».
وتوسعت أبراج من مركزها في دبي منذ تأسيسها في 2002م ولديها أنشطة في نحو 22 دولة في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
وتدير أبراج أصولا تقل قيمتها قليلا عن عشرة مليارات دولار وقال عبد الودود: إن أبراج هي أكبر شركة للاستثمار المباشر تتطلع إلى الأسواق الناشئة فيما عدا دول بريك.
ومن بين صفقات الاستحواذ التي أبرمتها أبراج هذا العام اشترت الشركة حصصا في مجموعة طيبة المصرية للتعليم. واشترت أبراج أيضا حصة في سلسلة مطاعم كودو للوجبات السريعة في السعودية بالاشتراك مع تي.بي.جي كابيتال وأعلنت يوم الثلاثاء عن استثمار مشترك في كريم لخدمات السيارات.
وبينما تستهدف أبراج في غالبية الأحوال قطاعات لا تتأثر بالتقلبات الاقتصادية مثل الرعاية الصحية والتعليم تحدث عبدالودود، عن «المستهلك العالمي» في قلب قراراتها الاستثمارية.
وقال «لا أعتقد أن المستهلكين في الشرق الأوسط يختلفون عن نظرائهم في أسواق النمو» مشيرا إلى أن مطاعم الوجبات السريعة في تايلاند والسعودية ربما تكون لديها قوائم مختلفة لكنها تحتاج إلى التركيز على اختيار المواقع المناسبة وتأمين سلاسل الإمداد.
صناديق الاستثمار الرياضية
وتعتبر شركة «ميفك كابيتال» إحدى أوائل الشركات الاستثمارية المرخصة من هيئة السوق المالية التي تنبأت بالطفرة القادمة من الاستثمار بالأندية الرياضية بالسعودية. حيث أعلنت في 2013م عن إتمام عملية الاستحواذ على حصة 40% من شركة (بودي ماسترز) العريقة المتخصصة بإنشاء الأندية الرياضية وإدارة أندية اللياقة البدنية منذ أكثر من عشرين عاماً.
وقالت «ميفك كابيتال» في حينها: جاء هذا الاستحواذ عن طريق (صندوق ميفك الرياضي) وهو إحدى سلسلة صناديق الفرص المتميزة لدى «ميفك كابيتال»، ويعتبر أول صندوق متخصص في الاستثمارات الرياضية على مستوى المنطقة. حيث نرى أن الاستثمار الرياضي يأتي تماشياً مع إستراتيجيتنا التي حرصت منذ فترة على اغتنام الفرص المميزة للاستثمار في المجال الرياضي بالمملكة لإيمانها بأن الاستثمار الرياضي في مقدمة الاستثمارات الواعدة في المملكة ولما يحظى به المجال الرياضي من اهتمام كبير ودعم لا محدود من الدولة، وإدراك الكثير من الشركات ورجال الأعمال والأندية بأهمية الاستثمار في هذا القطاع الواعد والمميز. ودرست «ميفك كابيتال» إمكانية هيكلة صناديق استثمارية متخصصة تختص بالأكاديميات الرياضية، بالتنسيق مع عدد من الأندية الرياضية لتعظيم إيراداتها من خلال هيكلة أدوات استثمارية تتوافق مع طموحاتها الاستثمارية بخطوات جدية.
سلسلة الأندية الرياضية بالسعودية
وفي هذه السنة، قالت مصادر مطلعة إن أربعة مشترين محتملين عبروا لمساهمي بودي ماسترز السعودية عن رغبتهم المبدئية في شراء الشركة قبيل صفقة محتملة لبيع سلسلة الأندية الرياضية بقيمة 500 مليون ريال (133 مليون دولار) في وقت لاحق هذا العام.
ويملك صندوقان تديرهما بشكل منفصل شركتا الاستثمار المباشر أموال الخليج وميفك كابيتال في السعودية العلامة التجارية بودي ماسترز بنسبة 60 و40 بالمئة على الترتيب.
وقال مصدر: إن طلبا عدم الكشف عن هويتهما إن المشترين الأربعة المحتملين هم شركات استثمار مباشر من المنطقة ولفتا إلى أنه لا تجري حالياً أي عملية بيع رسمي لكنهما قالا: إن المشترين الأربعة يجرون مفاوضات غير رسمية بشأن صفقة.
وأضاف أحد المصدرين أن من المحتمل التوصل إلى اتفاق بنهاية العام بناء على التقدم الذي سيتحقق في المباحثات وظروف السوق.
ولدى بودي ماسترز حالياً 30 صالة ألعاب رياضية معظمها في الرياض وبعض منها في القصيم والدمام وخميس مشيط بحسب موقعها الإلكتروني.
وعانت صفقات الاستثمار المباشر في منطقة الخليج في الآونة الأخيرة حيث مازالت الجهات البائعة -مدعومة بفترة شهدت زيادة النمو الاقتصادي والتقييمات- غير راغبة في خفض الأسعار في ظل هبوط النفط وتباطؤ الإنفاق الحكومي.
غير أن الشركات التي تركز على المستهلكين التي تستطيع الوصول إلى الفئات الشابة والآخذة في الثراء مازالت محصنة نسبياً من التباطؤ. ويساعد استمرار تدفق السيولة على المحافظة على حجم الطلب من جانب المستثمرين.
الاستحواذات الرياضية
وفي 2013م، أعلنت مؤسسة إنفستكورب العالمية، المختصّة في إدارة الأصول البديلة، استحواذها على حصة أقلية في شركة لجام الرياضية، التي تدير شبكة أندية «وقت اللياقة» المنتشرة في السعودية. وقالت المؤسسة إن صندوق الفرص الخليجية في «إنفستكورب» استحوذ على حصة بلغت نسبتها 25 في المائة في شركة لجام، وبمقتضى هذه الاتفاقية سيتمثّل الصندوق في مجلس إدارة الشركة، ويلعب دوراً في قراراتها الاستراتيجية وتحديد فرص نموّها.
وقالت الشركة الرياضية في حينها إن هذه الشراكة مع «إنفستكورب»، ستمكّن «لجام» من دعم علامتها التجارية وتطويرها، عبر الخبرات والموارد التي سيقدمها فريق الإدارة. وفي الاسابيع الماضية كشفت مصادر مطلعة أن بنك “انفستكورب” يستعد حاليا لطرح عام أولي لشركة لجام للرياضة بالسعودية. وبحسب رويترز فإن جزءا كبيرا من الأسهم المعروضة للبيع سيأتي من حصة شركة الاستثمارات البديلة البحرينية انفستكورب.
وبحسب موقعها على الانترنت تدير لجام التي أسسها عام 2007 رئيس مجلس الإدارة عبدالمحسن الحقباني، 120 موقعا في السعودية ودبي تحت العلامة التجارية «وقت اللياقة».
ويستهدف مستثمرو التملك المباشر قطاع التجزئة السعودي بكثافة في السنوات الأخيرة محاولين الاستفادة من تنامي الثروة في بلد تبلغ نسبة سكانه ممن هم دون الثلاثين 70 بالمئة.
ورجحت المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها في حديثها لوكالة (بلومبيرج) الإخبارية أنه من المتوقع بيع شركة لجام حصة مقدارها 30% للجمهور، لتحصل على حوالى مليار ريال (267 مليون دولار).
معدات الأنشطة الرياضية
وفي السنة الماضية قام بنك إنفستكورب بالاستحواذ على شركة «بوك» السويدية، من شركة «بلاك دياموند» المتخصصة في إنتاج معدات الأنشطة الرياضية الخارجية، مقابل 65 مليون دولار.
وقال البنك، إنه سوف يتمكن من خلال الاستحواذ الجديد من تعزيز حضوره في قطاع المستلزمات والملابس الرياضية في أوروبا.
وتعد «بوك»، التي تأسست في عام 2004م بالسويد، إحدى الشركات المتخصصة في مجال تصنيع المعدات الخاصة بسائقي الدراجات الهوائية والمتزلجين. وتصنع بوك التي مقرها السويد أدوات التزلج وركوب الدراجات. وتأتي عملية الاستحواذ بعد نحو عام من شراء انفستكورب لشركة ديانيزي المتخصصة في صناعة أدوات الحماية لركاب الدراجات النارية. وبلاك دياموند شركة متخصصة في صناعة معدات التسلق والتزلج والرياضات الجبلية تتخذ من ولاية يوتا الأمريكية مقرا لها.
القطاعات الآمنة
معلوم ان مجموعة أبراج قد باتت الأقرب للفوز بصفقة شراء حصة أغلبية في شركة الراية للمواد الغذائية بعدما دخلت في محادثات حصرية مع شركتين للاستثمار المباشر تسيطران حالياً على سلسلة المتاجر السعودية.
وتفوقت أبراج «التي تركز على الأسواق الناشئة» على «أبولو جلوبال مانجمنت» التي تقدمت بعرض كانت تأمل أن يقودها لإبرام أولى صفقاتها في الشرق الأوسط.
وتدير الراية متاجر كبرى في المناطق الجنوبية والغربية من المملكة ويشكل بيع حصة فيها مثالاً جديداً على اهتمام المؤسسات الاستثمارية بالسعودية.