ماجدة السويِّح
حينما قابلت الباحثة الفرنسية «أميلي لورونار» المهتمة بالشأن السعودي عام 2007 لم أجد مكانا عاما مناسبا نلتق فيه سوى «مملكة المرأة»، لم أكن أعلم حينها أني عززت لديها تلك الصورة الذهنية حول فضاءات المرأة السعودية العامة. «أميلي» لمن لا يعرفها باحثة جادة ومجتهدة قضت حياتها في تعلم اللغة العربية، وجمع وتحليل حياة العديد من النساء والفتيات من مختلف الشرائح العمرية الاجتماعية في أطروحتها لنيل الدكتوراه بعنوان «النساء والفضاءات العامة في المملكة العربية السعودية».
في لقائنا كانت تسألني وتستدعي ذاكرتي لفضاءات أخرى أقضي بها أوقات فراغي غير تلك الفضاءات التقليدية لأغلب السعوديات. بعد اللقاء أشفقت على حالي وحال الكثيرات، «أكل وتسوق» كانا هما الفكر السائد في تمضية أوقات فراغنا. ففي الغالب يشكل التسوق هواية ومتنفسا وحاجة في نفس الوقت للفتيات. كما تشكل المطاعم بأنواعها المختلفة فرصة لاكتشاف وتذوق الجديد منها متعة تضاعفت مع الانستقرام والسناب شات، اللذين يمثلان خير شاهد، والمحتوى الغزير يحكي قصة الشغف واهتمام الفتيات السعوديات بالتسوق والأكل.
هذه الصورة النمطية استرعت الكاتب الأمريكي «توماس ليبمان» الكاتب بالواشنطن بوست في مدونته نوفمبر 2014 حول حياة السعوديات التي تعتمد على الأكل والتسوق بعدما شد انتباهه في مدينة جدة مجاورة نادي صحي جديد للسيدات متجر للدونات والآيسكريم. ربما لا يعلم «ليبمان» أن من»جاور السعيد يسعد», لذا متاجر الأكل في السعودية تربح أي مشروع يجاورها، نظرا لحالة الإدمان على الوجبات السريعة والحلويات. «ليبمان»سلّط الضوء على الحالة الصحية للسعوديات بعد تزايد نسبة المصابين بأمراض السكري والسمنة بين أفراد المجتمع، وتأثير البيئة غير الصحية التي تشجع على الاستهلاك على الأجيال القادمة خصوصا النساء.
الواقع يشهد تزايد افتتاح النوادي الصحية للسيدات، لكن تلك الأندية تتطلب مبالغ مادية مكلفة، لا يستفيد منها سوى القلة. انعدام الاهتمام بالجانب الصحي والبدني في مدارس البنات سيلقى بآثاره الصحية والاقتصادية والاجتماعية على مستقبل أجيالنا. لذا أرى أن الاهتمام بالجانب البدني والرياضي للذكور واستثناء الإناث تمييز مجحف يفترض أن ينتهي. الجانب الصحي الإيجابي من ممارسة الرياضة للفتيات في سن مبكرة، وخلق فضاءات صحية جديدة لتمضية أوقات الفراغ بما ينفع هو ما نطمح إليه في السعودية الجديدة برؤيتها الشابة والمتوثبة للمستقبل.